صحافة البحرين.. حرية مبتورة

2025-05-06 - 11:27 م

مرآة البحرين: في تقريرها السنوي الذي حمل عنوان "البحرين 2024: سُلطة مطمئنة ومجتمع خائف"، أسهبت رابطة الصحافة البحرينية في تناول وضع الصحافة في المملكة، والتناقض الصارخ بين السلطات الحكومية المُحصّنة بمجموعة من القوانين والآليات التي تضمن لها الحماية والطمأنينة من التعرض لأيّة انتقادات أو تشكيك في أدائها لمهامها، وما عليها من واجبات، مقارنة بالمجتمع البحريني الذي يعيش حالة مركّبة من الخوف والتهديدات المستمرة بتفعيل الترسانة المُحكمة من العقوبات الشخصية والإجراءات القضائية.

التقرير يُشير الى نشاط مؤسسات الدولة المتزايد في مراقبة المحتوى الإلكتروني واستدعاء الفاعلين على وسائل التواصل الاجتماعي، من صحافيين وسياسيين ونشطاء المجتمع المدني، لتحذيرهم وتهديدهم وتخويفهم، ما بين حذف هذه المنشورات أو تفعيل منظومة الملاحقات الشخصية والعقوبات.

بناءً عليه، توثّق الرابطة نحو 100 انتهاك بحق الصحافيين والإعلاميين ونشطاء المجتمع المدني في البحرين خلال عام 2024، ليصل مجموع الحالات الموثّقة منذ اندلاع احتجاجات شباط/فبراير 2011 لغاية كانون الأول/ديسمبر 2024 إلى نحو 2000 انتهاك للحريات الصحافية وحرية الرأي والتعبير، فيما بلغ عدد القضايا التي انتهت إلى اعتقال أو استجواب أصحابها أكثر من 100 حالة وتجاوز تعداد الحالات التي صدرت في حقها إجراءات قانونية نحو 100 حالة أيضًا.

إنكار إعلام الدولة مستمر

طبعًا ما ورد في تقرير الرابطة لا ينسجم مع توجيهات الدولة لوسائل إعلامها المحلية والرسمية، التي ارتأت أن تطبّق سياسة الإنكار تجاه واقع الصحافة على الأرض تزامنًا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة ويوم الصحافة البحرينية 2025، مركّزة على بيان جمعية الصحفيين البحرينية التي كالسلطة التي تأتمر بها انفصمت تمامًا عمّا يعيشه الصحافيون والنشطاء وأصحاب المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، وقرّرت أن تعزف المعزوفة نفسها: "الدنيا ربيع والجوّ بديع"، قائلة إن الصحافة البحرينية ارتقت إلى مكانة متقدمة في العهد الزاهر للملك حمد بن عيسى آل خليفة، وقد شهدت تطوّرًا كبيرًا من خلال المشروع التنموي الشامل لجلالته الذي أرسى دعائم حرية الرأي والتعبير المسؤولة والرسالة الصحفية النبيلة.

ارتقاء الصحافة المُزيّف

طبعًا هذا الارتقاء وهذه الحرية لا تلحظ إقفال آخر وسيلة إعلامية مستقلّة تُعبّر عن رأي سياسي يخالف رأي الدولة، أي الوسط. طبعًا هذا الارتقاء لا يُسجّل الاعتقالات التعسفية بحقّ أصحاب الرأي والصحافيين. طبعًا هذا الارتقاء لا يُعير اهتمامًا لأحدث تصنيف عالمي لحرية الصحافة الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" لعام 2025، الذي أدرج البحرين في المرتبة 157 من أصل 180 دولة، بدرجة 30.24.

هذا التصنيف يعكس وضعًا صعبًا لحرية الصحافة في البحرين، حيث يتمّ تقييم عدة مؤشرات تشمل:
- المؤشر السياسي،
- الوضع العام للحريات الصحافية،
- البيئة القانونية والتنظيمية للعمل الصحافي.

إضافة الى ذلك، تؤكد منظمة "هيومن رايتس ووتش" غياب أيّة وسائل إعلام مستقلّة في البحرين منذ أن أقفلت وزارة الإعلام صحيفة "الوسط" في عام 2017.

كذلك يتحدّث تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" لعام 2025 عن استمرار سجن 6 صحفيين بسبب عملهم، بينما تؤكد منظمة "العفو الدولية" أن البحرين تواصل قمع الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، من خلال الاعتقال التعسفي وحظر السفر.

ماذا ينقص صحافة البحرين الحالية؟

المشكة الثابتة لدى الدولة البحرينية هو خطاب تجاهل الحقيقة، والقفز عنها، وكأنها لم تكن. الصحافة البحرينية لا تستطيع الاحتفال بيومها العالمي طالما أنها تفتقد الى الكثير من عوامل الراحة في العمل. وكي تكون فعلًا هذه الصحافة حرّة ومستقلّة وتقوم بما عليها من وظائف تنصّ عليها رسالة الإعلام، لا بدّ من الآتي:

* إلغاء القوانين المقيّدة مثل قوانين الجرائم الإلكترونية أو التشهير أو الأمن الوطني التي تُستخدم لتقييد حرية التعبير.

* تحصين الصحفيين من الملاحقة القضائية أو الاعتقال بسبب أعمالهم الصحفية،

* ضمان استقلالية المؤسسات الإعلامية،

* تشجيع الصحافة المستقلة والخاصة بعيدًا عن الأجندات السياسية،

* وقف الرقابة المُسبقة سواء كانت مباشرة من الدولة أو عبر ضغوط غير رسمية،

* تمكين حرية الوصول إلى المعلومات بإقرار قانون حق الحصول على المعلومات،

* تأمين سلامة الصحفيين،

* تشجيع التعددية في الآراء ولاسيّما المعارضة للسلطة،

* تكريس ثقافة حرية الرأي والنقد البنّاء.


بعد كلّ ما سلف، يمكن القول هكذا يكون ارتقاء الصحافة في أيّ عهد كانت، وأي سلطة كانت.