أثر الزلزال السوري على البحرين

عباس الجمري - 2025-05-03 - 9:48 م
مرآة البحرين : لم يعد المشهد السوري على تعقيده صعب القراءة، حيث بات العنوان الأبرز في الشكل والمضمون هو الفوضى الداخلية ذات العوامل المحلية، والذهاب إلى التقسيم غير الرسمي، واتخاذ كل عرق وطائفة إجراءات حمائية لصون الوجود، فالعصبيات حينما تثار، تتجمع الأفراد حول عرقها أو طائفتها أو دينها في تموضع طبيعي لبني البشر حسب ما رصده علماء الاجتماع في الطبيعة البشرية.
الفوضى السورية والتي تتخذ عنوانا أبرزاً في الطائفية، قد تمتد إلى دول أخرى، وهذا يدق ناقوس الخطر في الأمن القومي لدول الجوار السوري خصوصاً والدول العربية ذات الامتدادات الطائفية والعصبيات الفئوية عموماً.
في أكتوبر من عام 2012 أعلنت جبهة النصرة في سوريا عن مقتل جهادي بحريني وهو عبد الرحمن العثمان (21 سنة)، وفي مايو من عام 2013 أعلنت النصرة عن مقتل عبد الرحمن عادل حسن الحمد (19 سنة)، وهو نجل خطيب جامع النصف في الرفاع الشرقي وقتها. وفي نفس الشهر من عام 2013 زار الشيخ السلفي المعروف عدنان العرور البحرين لجمع تبرعات وتجنيد مجاهدين-حسب ما أعلن حينها-للقتال في سوريا ضد النظام السابق، وقد استقبله نواب في البرلمان، وقادة في أحزاب دينية بحرينية، واليوم يعود العرعور للساحة السورية، وليس واضحاً ما الدور الذي سيلعبه.
الذاكرة البحرينية مع الامتدادات الجهادية تدفع إلى التخوف من الذي يحصل اليوم في الساحة السورية والذي قد يسجر أوار العصبيات الموجودة في المملكة الخليجية الصغيرة، والتي قد تزداد مع وجود عدد هائل من المجنسين الذين يحملون ذات العصبيات الطائفية، والأخيرون بالذات شكلوا خطراً اجتماعياً على السُنة قبل الشيعة في البحرين لقابلية الكثير منهم على الإجرام كما أن طبائعهم العنيفة تفشي سلوكاً غير مالوف.
هذا الأمر ليس ترفاً فكرياً يمكن أن تقام لأجله الندوات، وورش العمل وتؤكل بعدها البوفيهات غير العابئة بالخطر الداهم، بل هو أمر جلل، قد يتراكم بتراكم الحدث السوري الذي يعمل كالزلزال الذي يُتوقع ارتداداته الزلزالية لدول عدة، نعم، الأمر يحتاج لتفكير رصين وتحمل ذوو الفكر مع ذوي المسؤولية تقييم الوضع واتخاذ اجراءات استباقية لحفظ المجتمع والأمن البحرينيين من ولوج الشرارة العصبية في القابليات المحلية والتي تنتظر فرصة الخروج من تحت الرماد.
طبعاً المسؤول الأول عن هذا الملف هو السلطة في البلاد، بإعلامها الذي يلعب دورا في تقوية أو إضعاف العلائق بين المكونات التي كانت متآخية بطبيعة الطيبة البحرينية والتي كانت في الماضي تضرب أجود الأمثال في التسامح والتقارب، إلى أن سُمح للعناكب أن تبني بيوتها في الإعلام، وللعقارب أن تبث سمومها في الصحف، فتضررت تلك العلائق الجميلة جزئياً. اليوم المسؤولية جادة جداً، كونها تمس النسيج الوطني وأمنه و ناسه.