مقاطعة العدو في ظلّ تطبيع آل خليفة.. كيف ينجح؟

2025-05-01 - 8:15 م

مرآة البحرين : هل يستطيع البحرينيون إشهار سلاح مقاطعة "إسرائيل" رغم تطبيع السلطات الحاكمة معها؟ هو سؤالٌ مشروع في ظلّ اتخاذ قرار تطبيع الدولة مع الكيان الصهيوني مع علمها باستحالة واقعيّته على الأرض وبين الناس. التحدّي الأكبر اليوم لدى السواد الأعظم من البحرينيين هو كيفية التعاطي مع إدخال بضائع أو منتجات "إسرائيلية" إلى المملكة الخليجية، وهل تنجح المقاطعة فعلًا؟

53 سلعة استوردتها البحرين من الكيان الصهيوني خلال سنة ونصف، تتوزّع بين حديد وفولاذ وآلات ومعدات كهربائية ولؤلؤ طبيعي وأحجار كريمة ومعادن ثمينة، هذا إضافة إلى منتجات غذائية.

لا نقاش في حصرية قرار التطبيع لدى آل خليفة الذين رأوا فيه استراتيجية تموضع في الحلف الأمريكي ومشاريعه التخريبية في المنطقة. خيار المقاطعة اليوم بالنسبة للبحرينيين يمكنه التحقّق عبر أكثر من وسيلة وخطوة، ولا يتوقّف التعبير عن الرفض عند حدود المظاهرات السلمية.

ما هي هذه الوسائل إذًا؟ يمكن اختصار هذه الطرق بالآتي:

* حملات مقاطعة شعبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في المجتمع،

* الامتناع عن شراء المنتجات "الإسرائيلية" أو المشكوك بمصدرها أو ارتباطها بالكيان،

* الضغط على الشركات المحلية لعدم استيراد أو بيع هذه المنتجات،

* التوعية بأسماء العلامات التجارية المرتبطة بـ"إسرائيل"،

* دعم المنتجات المحلية أو المنتجات القادمة من دول داعمة للقضية الفلسطينية،

* تشجيع الاقتصاد الفلسطيني عبر شراء منتجات فلسطينية،

* الانخراط في مؤسسات مجتمع مدني، نوادٍ طلابية، أو لجان مقاومة التطبيع،

* إقامة ندوات ومحاضرات لشرح تداعيات التطبيع الاقتصادية والسياسية،

* دعم أعمال فنية وثقافية تُبرز معاناة الفلسطينيين وتُدين التطبيع،

* عدم دعم أو متابعة الفنانين أو الشخصيات العامة التي تدعو للتطبيع أو تشارك فيه.


حكومة الاحتلال صنّفت حركة BDS، أي حركة مقاطعة "إسرائيل" كتهديد استراتيجي، وخصّصت ميزانيات لمحاربتها عالميًا، خصوصًا في الجامعات الغربية والمؤسسات الثقافية، كما أنشأت وزارة "الشؤون الاستراتيجية" لمكافحة حركات المقاطعة والتشهير بـ"إسرائيل"، وقامت بتتبّع وتوثيق نشاطات BDS دوليًا.

العدو يُصوّر حملات المقاطعة على أنها "معادية للسامية"، ولذلك يعمل على استقطاب شخصيات فنية، أكاديمية، ورياضية عالمية للتعاون معها من أجل كسر العزلة المفروضة عليها من قبل المقاطعة الثقافية.

خلال فترة الحرب على غزة، برزت أرقامٌ لحجم تأثير حملات مقاطعة "إسرائيل"، فبحسب تقرير صادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية في لندن تكبّد الاقتصاد "الإسرائيلي" خسائر تجاوزت 8 مليارات دولار، نتيجة تراجع نشاط الموانئ، ارتفاع تكاليف التأمين، وتأجيل مشاريع اقتصادية هامة في المنطقة.

كذلك ألغت أكثر من 20 جامعة في أوروبا وكندا اتفاقيات التعاون مع الجامعات "الإسرائيلية"، ومنعت فرنسا مشاركة الشركات "الإسرائيلية" في معرض "يوروساتوري 2024" للأسلحة، بينما ألغت تشيلي مشاركة الشركات "الإسرائيلية" في معرض FIDAE للطيران والفضاء، ممّا أثّر على الصناعة العسكرية "الإسرائيلية"، وبالموازاة واجهت سلسلة مطاعم مثل "ماكدونالدز" حملات مقاطعة بعد إعلانها دعم الجنود الصهاينة.

أمام كل هذا، قال الرئيس السابق لقسم القانون الدولي في جيش الاحتلال إيرين شامير بورير إن تحوّل "إسرائيل" إلى "دولة" منبوذة" قد يؤدي إلى عزوف الشركات عن الاستثمار فيها، ممّا يفاقم العزلة الدولية.

بناءً على ما تقدّم، يستطيع الشعب البحريني مقاطعة البضائع "الإسرائيلية"، حتى في ظل وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين الدولة البحرينية و"تل أبيب". التطبيع بين الحكومات لا يُلزم الأفراد أو الشعوب بتأييد السياسات أو التعاملات الاقتصادية مع الطرف الآخر. وهذا يعني أن المقاطعة الواسعة قد تنجح وتؤثّر فعليًا.