هل السلطة في البحرين محتاجة للمصالحة الوطنية؟

عباس الجمري - 2025-04-29 - 10:23 م

مرآة البحرين : ثمة قراءة تقول أن السلطة في البحرين ومنذ فبراير/شباط من عام 2011، اتخذت قراراً صارماً بتفتيت عضد المعارضة عبر عدة إجراءات، منها الاقتصادي والمعيشي والإعلامي، لكن بيضة القبان في تلك الإجراءات هو العامل الأمني، وتلك القراءة تستند إلى عدة معطيات عكسها السلوك الحكومي، كتهجير علماء كبار، وسجن آخرين، والتضييق على بعض الفئات، وتكمل القراءة ذاتها أن بموازاة تلك الإجراءات كان ولا زال قطار التجنيس يمشي على سكة التغيير الديمغرافي، أملاً في إحداث تغيير دراماتيكي في الوجه الشعبي سياسياً، وصولاً إلى خلق حالة من القبول بالمشاركة الشعبية الشكلية كما هي عليه اليوم.

استَدعيتُ تلك القراءة التي تبناها عدد من المحللين وقتها، لأقول لو افترضنا أنها قراءة صحيحة، فهل في ظل المتغيرات الدولية الكبرى التي نشهدها اليوم ستحصل السلطة على مبتغاها من تلك الإجراءات؟ وهل المصالحة الوطنية اليوم هي حاجة شعبية فقط، أم هي حاجة للسلطة أيضا؟
هذا سؤال مهم ويحتاج منا جميعا الكثير من التوقف، السلطة معنية اليوم بتوخي الارتدادات القاسية للهزات السياسية والأمنية التي تحدث في المنطقة، خصوصا في ظل مؤثرَين مجنونين في السياسة الدولية هما دونالد ترامب، وبنيامين نتياهو، فالأول رئيس لأقوى دولة في العالم، والثاني رئيساً لحكومة كيان متفلت من أي قيد قانوني، إضافة إلى سعاره الديني الذي يشعل أواره حاخامات الظلام المبشرين بالهرماجدون المقدس.

بات من غير المنطقي أن نختبئ وراء ذاكرة 2011 حُكاما ومحكومين، والبلد تسير على قارب بلا شراع، وهواء التطبيع يحركه بعنف وهو في أمواج اقتصادية خطرة وحرب بين حيتان العالم تزيد من هيجان تلك الأمواج.

ربما ثمة اعتقاد عند الجهات الرسمية أن الاحتماء بين كبار الأشقاء الخليجيين سيحمي البلد من التأثر، هذا الاعتقاد يحتاج لفحص أكثر، فهو صحيح من جهة ، لكنه ليس كذلك من جميع الجهات، وأعتقد أن المصالحة الوطنية القائمة على المشاركة الشعبية في القرار أمر يصب في صالح الجميع بما فيهم السلطة، وثمة رجال وطنيون يقبعون في السجن، يحرصون على تحقيق هذه المصالحة بشرط أن تكون عادلة للجميع وليس فيها خاسر، لأن المصالحة الحقيقية هي التي يربح فيها الجميع، أما الشكلية فليس فيها رابح على المدى البعيد.