مُتغيّرات راشد بن عبد الله للتعاون العربي: طلبات ترامب أوامر

2025-04-06 - 5:21 م

مرآة البحرين : يقول وزير الداخلية البحريني راشد بن عبد الله آل خليفة مؤخرًا إن "التحديات والمُتغيّرات الإقليمية تتطلّب توسيع آفاق التعاون والتنسيق وتكثيف الجهود وتعزيز مسيرة العمل الأمني العربي المشترك". موقفٌ لافتٌ طبعًا لكنّه غير صادم من حيث الشخصية أو المضمون. 

 

في ظرفٍ إقليمي حسّاس وربّما شديد التعقيد، يخرج راشد بن عبد الله ليتحدّث عن توسيع التعاون الأمني من منطلق أن "الأمن يمثّل ركيزة أساسية للمشاريع السياحية والاستثمارية في البحرين من أجل المضيّ قدمًا في تحقيق أهداف التنمية المُستدامة في إطار برنامج عمل الحكومة".

 

من يُراقب سيْر الأحداث خلال الأشهر الأخيرة في المنطقة واستئناف العدوان على قطاع غزة وعلى اليمن في آن، وتصعيد لهجة وخطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه الجمهورية الاسلامية الإيرانية، يُدرك أن كلام راشد بن عبد الله يتجاوز حدود المشاريع السياحية وضمان الأمن في البلد من أجل الوافدين إلى أرض المملكة. الكلام برمّته لا ينفصل عن التحرّكات الأميركية الساعية إلى رفع مستوى المواجهة مع إيران.

 

التحديات والمُتغيّرات الإقليمية التي تحدّث عنها عرّاب المشاريع الأمنية في البحرين لها معنى واحد وتفسير أوحد: الحرب على إيران وحلفائها. وفي هذا المشهد للبحرين حصّة طالما أنها تحتضن الأسطول الأميركي الخامس، ركيزة الولايات المتحدة العسكرية في منطقة الخليج.

 

وبناءً على رؤية راشد بن عبد الله، تكثيف الجهود وتعزيز مسيرة العمل الأمني العربي المشترك يكون حُكمًا عبر التالي:

 

* خدمة المشروع الأميركي وما يتطلّبه من تنفيذٍ لأوامر عسكرية تهدف إلى توجيه ضربات مباشرة ضدّ إيران. 

 

* التعاون عبر الأراضي البحرينية وفتح المجال أمام الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين لاعتراض الصواريخ اليمنية المتجهة إلى الأراضي المحتلة بما أمكن.

 

* الانسجام مع خطاب التهديد الأميركي تجاه طهران والخضوع لسياسة الضغوطات والإملاءات التي تفرضها واشنطن على أدواتها في المنطقة ومنها النظام البحريني. 

 

 

البحرين اليوم لا ترى نفسها بمنأى عن المواجهة المتحدمة بل طرف فيها، فهي منذ سنوات تحجز لنفسها مقعدًا في أجندة واشنطن في المنطقة. لا مكان لأيّ تفكير مرتيْن، خاصة أن تصريحاتها تتناقض مع أقوالها في أغلب المرات. في الظاهر، تُبدي نيّة لاستئناف العلاقات مع إيران وإعادتها إلى طبيعتها الدبلوماسية، غير أن الانخراط في مشاريع أميركا وبرامج ترامب وصفقاته مع حكام الخليج يدحض ذلك.

 

في ولايته الأولى عام 2017، التقى ترامب ولي عهد البحرين سلمان بن حمد الذي تحدّث صراحةً عن حرص دولته على العمل والتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وتعزيز التعاون المُثمر بناءً على المصالح المشتركة.

 

هذا اللقاء حينها بيّن الجانب الأهمّ في شخصية ترامب وما يُضمره تجاه حكام الخليج وكيف ينظر إليهم والبحرين مثالٌ حيّ. يومها قال ترامب لولي العهد إن "البحرين تمتلك الكثير من الأموال.. سنُمرّر 738 مليار دولار للجيش وهذا كثيرٌ على دولة مثل البحرين". 

 

وقتها، عُلم أن ترامب كان يقصد بكلّ صراحة ما تملكه العائلة الحاكمة في البحرين من أموال مجمّدة في الولايات المتحدة وسويسرا وبريطانيا بناءً على تقارير اقتصادية دقيقة وأوراق بنما وكلّ ما كشفته الصحافة الأمريكية في تلك الفترة. إزاء هذا التصريح، كان لافتًا سكوت المسؤولين البحرينين، وعدم مسارعتهم إلى النفي أو إصدار أيّ تعليق، ولاسيّما أن سلمان بن حمد لم ينبس ببنت شفة، بل ابتسم وضحك وارتضى بما سمع. 

 

حادثة ترامب - سلمان قبل 8 سنوات أظهرت أن قاعدة الابتزاز مترسّخة في التعاطي الأميركي مع البحرين. واشنطن لا تراها سوى أداة، وليس حليفًا تنطبق عليه مواصفات التعاون والنقاش وتبادل النصائح، بل مواصفات التلميذ الذي يُطبّق إملاءات الأستاذ بلا اعتراض.

 

وعليه، التعاون الذي قصده راشد هو بالتأكيد تنفيذ كلّ ما يُطلب من الجهات البحرينية في سبيل تحقيق الهدف الأميركي تجاه طهران، عبر مشاركة الأنظمة العربية والخليجية فيما بينها من أجل تحقيق أوامر ترامب.