فيلم السجون المفتوحة.. الاستعراض مستمرّ والدعاية مُستهلكة

2025-03-29 - 11:35 م

مرآة البحرين : في سياق تجميل اختراع العقوبات البديلة في البحرين، عرضت قناة "العربية" تقريرًا (مدته دقيقتان و44 ثانية) بعنوان "السجون المفتوحة" تجربة إصلاحية في البحرين ومُستفيدون يروون تجربتهم".

 

بعد الانتهاء من مشاهدة التقرير المصوّر، يتلمّس أيًا كان أن الهدف الواضح والمضحك في آن تحفيز "غيرة" المواطن للاستفادة من هذا الإبداع، أكان سجينًا أم لم يكن. 

 

رسالةُ من كلّف مُعدّة التقرير إذًا هي تبييض صفحة وزارة الداخلية والنظام الأمني السائد في البحرين، والمبالغة في تجميل السجون المفتوحة و"برامجها الإصلاحية"، وليس للترويج مثلًا لحلّ أزمة اكتظاظ السجون وما يترتّب عليها من تكلفة. تقول المُعدّة "كُثر يطمحون من أجل هذه الفرصة لتغيير حياتهم والعودة للانخراط بالمجتمع بعيدًا عن الجريمة". هذا هو منطق الداخلية ووزيرها وأجهزتها وكلّ إعلام الدولة الذي تُسيّره كما يحلو لها خدمةً لأهدافها الدعائية. 

ينطلق الخطاب من أن كلّ السجناء الذين التحقوا بالسجون المفتوحة هم مُجرمون مُدانون بأحكامٍ طويلة وبعضها يصل إلى المؤبّد. المعيار واحد والتعاطي واحد بالنسبة للمسؤولين. من تظاهر وعبّر عن رأيه السياسي في نشاط أو في تغريدة أو انتقد أو عارض وما شابه، يُعامل بالمستوى نفسه كمن قتل أو سرق أو اقترف جناية أو جنحة. 

 

وظيفة التقرير إضافة إلى تجميل العقوبات البديلة، ترسيخ فكرة أن المعتقلين والسجناء مُتشابهون في الجريمة، مُتساوون من حيث العقاب والمحاسبة، والترويج لـ"رحمة" المكرمة الملكية التي شمتلهم وضمّتهم إلى برامج السجون المفتوحة التي يجب أن يشكروا ربّهم على نيلهم هذا الوسام!

 

الغاية إقناع المشاهد بأن المعتقل السياسي كما السجين الجنائي في المرتبة نفسها، يخضعان للمعايير نفسها بلا تفرقة على قاعدة أن المملكة بلد المساواة والعدل! سيناريو سريالي يتبعه النظام عبر أدواته وعلاقاته الإعلامية من أجل تصديق كذبة أن سجين الرأي مجرم والدولة فضّلت وأغدقت عليه وألحقته ببرامج سجونها المفتوحة. 

 

إلى جانب ما تقدّم، يَرِد في التقرير أن نسبة عدم التخلّف والتزام المحكومين بالبرامج المُعتمدة تتجاوز الـ99%، فيما تبلغ نسبة العائدين إلى الجريمة 2%. أكثر من 99% وليس 100 %! هل هي أُحجية سخيفة أم ماذا؟ هل هذه معلومة مُفيدة فعلًا أم دعاية مكشوفة ومُستهلكة؟ الكلّ يتجاوب مع البرامج المفروضة عليه، فأين الإنجاز في القول إن أكثر من 99%  سائرون بها؟

 

على أن أبرز ما يؤكّده التقرير المعروض أن الدولة تتقصّد التمييز بين السجون التقليدية وتلك المفتوحة لناحية الخدمات. يتّضح أنها تريد أن تُظهر للرأي العام ومن يُشاهد صور مباني السجون المفتوحة حيث تطبّق البرامج التأهيلية وفق خططها، أن من التحق بالعقوبات البديلة ينعم بالراحة، ومن ظلّ في سجنيْ جو أو الحوض الجاف سيعيش البلوى والتضييق والإهمال والحرمان. 

 

في المحصّلة، سلوك وزارة الداخلية ومن ورائها السلطة وبيْت الحكم، يُظهر أنها تتقمّص دور الدولة الحضارية التي تسير بأنظمة الحساب المُعاصرة وببرامج مُستوردة من دول وبلدان تتبعها في سياق عملياتها الإصلاحية والتأهيلية لسجناء جنائيين لا تنطبق مواصفاتهم بأيّ شكل من الأشكال على المُعتقلين السياسيين المشمولين بالسجون المفتوحة في البحرين.

 

استنادًا إلى ما سلف، تليق برامج التأهيل المُعتمدة في السجون المفتوحة بالمُجرمين الذين تابوا، لا بمعتقلي الرأي والسياسة، الذين وفق العقوبات البديلة لا يخرجون من دائرة السجن أكانوا مُحاطين بجدران ضيّقة أم كانوا يرتادون مبانيَ للداخلية. حريّتهم ستظلّ مسلوبة، بسوارٍ إلكتروني، أو بتوصيفٍ يُلازمهم حتى الانتهاء من كامل مدّة المحكومية. وفي كلّ هذه الصورة، نسأل أين الإنجاز العصري؟