توسيع العقوبات البديلة.. مشروعٌ جديد يُمدّد ملفّ المعتقلين

2025-03-21 - 2:31 م

مرآة البحرين : تُجري الحكومة البحرينية عملية تجميل لسياساتها العقابية بحقّ معتقلي الرأي والسياسة. العقوبات البديلة و الاختراع الذي خرجت به الدولة وأجهزتها بموجب قانون عام 2017 لتبييض صفحتها أمام منظمات حقوق الإنسان والغرب، إلى الآن لم تشكّل حلًا لأزمة الاعتقالات والأحكام الجائرة التي يُسجن على أساسها من مارس حقّه في التعبير عن الرأي.

 

جوهر العقوبات البديلة يقوم، وفق ما هو مُعلن، على مواكبة نظم السياسة الجنائية المعاصرة التي اتجهت نحو الأخذ بعقوبات بديلة للعقوبات الأصلية السالبة للحرية، بما يسهم في عملية الإصلاح والتأهيل، وبما يتناسب مع الظروف الشخصية أو الصحية للجاني ويتلاءم في ذات الوقت مع طبيعة الجريمة موضوع الدعوى.

 

العقوبات كما بات معلومًا ‌تكون واحدة من الآتي ذكرهم، حسب ما يقرّر القاضي:

 

* العمل في خدمة المجتمع (العمل لصالح إحدى الجهات دون مقابل)،

‌* الإقامة الجبرية في مكان محدد،

* حظر ارتياد مكان أو أماكن محددة،

*‌ التعهُّد بعدم التعرض أو الاتصال بأشخاص أو جهات معينة،

‌ * الخضوع للمراقبة الإلكترونية،

* حضور برامج التأهيل والتدريب.

 

تفصيل كلمة "الجاني" في القانون لم يعد يحتاج الى جهد، فأحد أهم المقصودين هنا هو السجين السياسي الذي يُعاقَب لقيامه بنشاط يكفله الدستور البحريني في مادته الـ23، لكن الدولة تنكره وتسلب هذا الحقّ ممّن تريد. 

 

مشروع حكومي جديد

بالعودة إلى مناسبة الحديث اليوم، أحالت الحكومة مشروعًا إلى مجلس النواب يهدف إلى تطوير المنظومة التشريعية المتعلقة بالعقوبات والتدابير البديلة والتوسّع في تطبيق العقوبات والتدابير البديلة، ومواكبة المتغيّرات المستمرة في جهات العمل من خلال إضافة عقوبات جديدة.

 

كما يهدف المشروع الحكومي الجديد لتحديد جهة واحدة مختصة في تنفيذ كل ما يتعلق بالعقوبات والتدابير البديلة، إضافة لتحديد الجهات التي تنفذ فيها العقوبات البديلة بقرار من وزير الداخلية.

 

هذا الطرح كان قد استُبق في بداية شهر آذار/مارس الجاري بمذكرة صادرة عن مجلس الوزراء تنصّ على تقديم برامج تعليمية مختصة لمنتسبي الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام وللمستفيدين من العقوبات البديلة.

 

التوسّع في العقوبات هو الهدف

على أن البارز في ما تقدّم يتمحور حول فكرة توسيع العقوبات، إذ يقضي المشروع الحكومي الجديد بإضافة عقوبتيْن جديدتيْن إلى العقوبات البديلة، هما "الإيداع في إحدى المؤسسات المتخصصة بالرعاية النفسية أو المصحات الصحية" و"الحضور إلى الجهة الأمنية في أوقات محددة".

 

كما يقضي المشروع أيضًا بتغيير الجهة التي تحدد الجهات وأنواع الأعمال التي تُمارس فيها بقرار من وزير العدل إلى الداخلية.

ويُضيف المشروع الحكومي تعديلًا جديدًا في المادة 5 من قانون العقوبات البديلة لتتضمّن أيضًا إمكانية حظر ارتياد المحكوم بالعقوبات البديلة لـ"مواقع إلكترونية محددة"، ويكون بإلزام المحكوم عليه بحظر ارتياد نطاق جغرافي أو إلكتروني معيّن ذي صلة بالجريمة، ويُصدر قرار من وزير الداخلية بالشروط والإجراءات اللازمة لتنفيذه، وبتحديد الحالات والأوقات التي يجوز فيها للمحكوم عليه ارتياد تلك الأماكن أو "المواقع الإلكترونية المحظورة".

 

كذلك يقضي التعديل المقترح بأن يتم التنسيق بين النيابة العامة مع الجهة المختصة بوزارة الداخلية بشأن طلبات العقوبات البديلة، على أن يفصِل قاضي تنفيذ العقاب في الطلب بعد سماع أقوال النيابة العامة.

 

التعديل مُبرم دون نقاش

طبعًا المجلس الأعلى للقضاء ولجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب والمؤسسة الوطنية لحقوق الانسان وجمعية المحامين البحرينية، وافقوا على التعديلات الجديدة، فلا مجال للنقاش في ما تفرضه الحكومة. 

 

اذا ارتأت الحكومة التوسّع في العقوبات أو تخفيضها أو اختصارها، من يستطيع أن يواجهها أو يعترض عليها؟ الهدف هنا أن تُجمّل هذا الاختراع القضائي الذي تتغنّى به أمام الدول، وأن تُقنع الرأي العام الغربي بأنها تعمل على مواكبة تشريعات الدول المتقدّمة حيال أنظمة العقاب والحساب فيها. 

 

الطرح يصبّ حُكمًا في مصلحة الدولة التي لم تجد إلى الآن مصلحة في إقفال ملفّ المعتقلين السياسيين وتصفير أرقامهم في السجون. أليس الأجدى والأوفر والأنسب أن تتوقّف الدولة عن زجّ الناشطين في السجن، بدلًا من أن تفتّش عن طرق جديدة لتنويع عقابهم بما ينسجم ومفهومها لـ"الجريمة" التي اقترفوها؟؟