آل خليفة يدعون لفلسطين.. المسرحية مستمرة

رجل الأعمال الإسرائيلي ومالك أكاديمية الدراجات سيلفان آدمز مع ناصر بن حمد
رجل الأعمال الإسرائيلي ومالك أكاديمية الدراجات سيلفان آدمز مع ناصر بن حمد

2025-03-15 - 3:03 م

مرآة البحرين : في 5 آذار/مارس الجاري، نشر ناصر بن حمد على الحالة الخاصة بحسابه على "انستغرام" صورةً له، التُقطت خلال مشاركته في أعمال القمة العربية التي استضافتها مصر مؤخرًا. لم تكن الصورة بلا رسالة، رسالته هنا كانت الدعاء لفلسطين، كاتبًا: اللهم احفظ فلسطين وأهلها، كن لهم عونًا ونصيرًا. اللهم ارزقهم واجبر كسر قلوبهم، وأبدل خوفهم أمنًا وسلامًا آمين".

 

طبعًا الشيخ ناصر جادّ ولا يحبّ المزاح والتهريج. التوازن النفسي دفعه إلى الدعاء لفلسطين حتى لو كان يصافح عدوّ الفلسطينيين، حتى لو كان يتعاون مع من يقتلهم، حتى لو مشت الدولة منذ عام 2020 بخيار التآمر على قضية المسلمين الأولى ومحاربة مقاومة المحتلّ لعدوّ الإنسانية الأول في العالم.

 

مع آل خليفة، كلّ التناقضات تلتقي بهِمَّة المسؤولين أو ربّما بخفّتهم. هذا ما يتبيّن من أصغر أداء في الدولة حيال القضية الفلسطينية. ناصر يُجسّد اليوم بهذا الدعاء نموذجًا حيًّا لتخبّط الدولة التي اقتنعت وحدها، بلا شعبها، بجدوى التطبيع وإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني على حساب فلسطين وأرضها وأهلها.

 

كيف يدعو ناصر لفلسطين وهو الذي التقى سابقًا مسؤولين صهاينة على أرض البحرين؟ كيف يتمنّى حفظ فلسطين ووالده حاكم البحرين حمد بن عيسى قرّر أن يمشي الجميع بخيار خيانة الأراضي المقدّسة؟ أليس الأولى أن يكون ناصر بن حمد صادقًا مع نفسه ويدعو  بما هو أدقّ: "اللهم سامحنا على عدم حفظ فلسطين ونصرتها وعونها.. اللهم اصفح عن خيانتنا لها وكسر قلوب أبنائها.. اللهم اغفر لنا خطيئة إدخال الخوف على نفوس كلّ فلسطيني في كلّ لحظة اتفقنا مع عدوّه عليه".

 

المشكلة ليست في ناصر وحده. فالاضطراب النفسي يبدأ من أعلى الهرم، من الملك الحاكم تحديدًا. ألم يجمع أحفاده ليدعو أمامهم بصوتٍ خافت لأطفال غزة بـ"الخير وبأن يحميهم الله بعدما أصابهم الخطر"، وذلك بعد بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة عقب 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

 

طبعًا حينها  لم يُسمِّ الملك الأمور بأسمائها أمام الأحفاد، ولم يحدّد ما هو الخطر أو الشرّ الذي أصاب أطفال غزة. المهمّ أنه دعا أمام كاميرا تصوير وكفى. كأنّ تطبيعًا لم يكن. كأّنّه لم يؤذِ فلسطين يومًا بِمَدّ يده لعدوّها. كأنّه شخصيًا لم يستفرد بقرار الخيانة ويوفد وزير خارجيته إلى البيت الأبيض في ذلك اليوم المشؤوم ليوقّع معاهدة الذلّ والخضوع لغاصب فلسطين.

 

وفي الحديث عن التناقضات الظاهرة في أداء الدولة البحرينية تجاه فلسطين، تبرز حملة المساعدات التي أعلنت السلطة الحاكمة عن تقديمها لأهل غزة إبّان الحرب الاسرائيلية الوحشية على القطاع. آل خليفة لم يروا في استمرار العلاقات مع الكيان الصهيوني تصادمًا مع فكرة مساعدة من يتعرّضون لإبادة وقتل مباشر من حليفهم.

 

دَعَمَ آل خليفة المجرم والضحية في آنٍ معًا. ظلّ اتفاق التطبيع وما ترتّب عليه من معاهدات واتفاقيات تجارية واقتصادية وأمنية على حاله. لم تتراجع الدولة عنه، لم تُجمّده حتى. لم تطرد سفير الكيان، بل غادر من تلقاء نفسه، ثمّ عاد في وقت حدّده هو بما يتناسب مع أجندته. المهمّ أن الصورة المُصدّرة أمام الرأي العام أن البحرين أرسلت مساعدات لتقف عند خاطر من يُقتلون بدم بارد وأسلحة فتّاكة. والمساعدات لا تعدو كونها شحنة لا تُلبّي حاجات عشرات آلاف الغزيين الواقعين تحت البلاء والخطر والحرب.

 

ليس معروفًا بِمَ يُشخّص هذا الأداء البحريني الرسمي. كيف تستطيع الدولة أن تجمع النقيضيْن: المظلوم والظالم. تدعو لفلسطين وتحضن اسرائيل. هل نحن أمام انفصام لا شفاء منه أم استغباء مقصود لا ينتهي؟ أو ربّما نحن أمام مسرحية تدوم وتدوم. مع آل خليفة لا مكان سوى للتهريج والمراهقة السياسية.