التعاون الأمني بين دولة آل خليفة والعدو الصهيوني: الشعب في واجهة الاستهداف

2025-03-04 - 2:30 ص

مرآة البحرين : قبل عاميْن (2023)، افتتح وزير الخارجية "الإسرائيلي" إيلي كوهين مبنى سفارة الكيان الصهيوني في البحرين. الزيارة حينها كانت الأولى لمسؤول صهيوني بهذا الحجم من التمثيل الرسمي لأحد دول اتفاق "أبراهام" التطبيعي، أي أن انطلاقته كانت من البحرين. سبق ذلك بسنة تقريبًا (2022)، إعلان نائب وزير الخارجية البحريني عبدالله بن أحمد آل خليفة أن جهاز الموساد موجود بشكل رسمي وعلني في المملكة، وأن تعاونًا استخباراتيًا قائمٌ بين الجانبين. 

 

الى الآن، لم تظهر دوافع اقتصادية لقرار تشريع البلاد أمام عدوّ الأمة، بل الثابت أن دولة آل خليفة اختارت الالتحاق بركب الموقّعين مع الصهاينة استكمالًا لسياسة الارتماء في الحضن الأميركي وحفاظًا على العرش عبر الاحتماء والاستقواء بواشنطن وربيبتها "اسرائيل" بوجه أيّ سيناريو تراه مهدّدًا لسطوتها ونفوذها. 

 

على الرغم من معرفة وإدراك السلطة أن الشعب لن يُسلّم أو يتقبّل قرار التطبيع، إلّا أنها غرقت في وحل الخيانة الى أبعد حدّ. شراكة أمنية بارزة مع الصهاينة على أرض البحرين تُوجّت باللقاءات الأمنية المتتالية التي جمعت مسؤولين من المملكة مع نظراء لهم من الكيان وعلى رأسهم رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين بعد سنة من إبرام اتفاقية "أبراهام".

 

بحسب تقرير لوزارة الاستخبارات "الإسرائيلية" صدر عام 2020، فإن نيّة تعزيز الشراكة الأمنية حاضرة في الاتفاق، مع الحديث وقتها عن وجود فرص حقيقية للتعاون الدفاعي مع البحرين، وهو ما عبّر عنه بوضوح أيضًا مسؤول صهيوني تحدّث في السنة نفسها لوكالة الأنباء الفرنسية حين قال صراحة إن التعاون الأمني بين "تل أبيب" والمنامة شكّل بندًا مركزيًا في المحادثات التي أعقبت التوقيع على اتفاق تطبيع العلاقات بين الطرفين.

 

كذلك نسبت وكالة "رويترز" في العام نفسه لمصدر بحريني أن أولوية المملكة ستكون التعاون مع "إسرائيل" في مجال أمن الإنترنت، بعد أن أصدر ملك البحرين مرسومًا في أكتوبر/تشرين الثاني 2020 بتأسيس مركز وطني لأمن الإنترنت.

 

المركز الوطني للأمن السيبراني تُقدّمه الدولة على أنه يخدم أولوياتها على صعيد توفير سبل الحماية اللازمة لجميع الأفراد والمؤسسات لتحول دون تعرض المعلومات والأنظمة والشبكات والخدمات على الصعيد الوطني لأية تهديدات سيبرانية.

 

ومن بين اختصاصات المركز كما يعرّف عن نفسه إعداد التقارير التي من شأنها تحديد مستوى الأمن السيبراني في المملكة وقطاعاتها الحيوية، والتعاون والتنسيق مع الدول والمنظمات والهيئات والاتحادات الدولية والإقليمية المتخصصة في الأمن السيبراني. 

 

على هذا الأساس إذًا، الأرضية في البحرين جاهزة وحاضرة للتعاون مع الجانب "الاسرائيلي". وهنا، تردّدت معلومات عن استحداث سفارة الكيان المحتل في البحرين مهامَ جديدة ضمن أنشطتها، تهدف من خلالها إلى مراقبة منشورات المواطنين والمقيمين في النطاق الجغرافي على منصات التواصل الاجتماعي، بعدما لمست ولاحظت حجم تناقض خيار الدولة مع أهواء الشعب تجاه "اسرائيل". 

 

وفق ما نقلت قناة اللؤلؤة هذا الشهر، تعمل سفارة الكيان على تشكيل وحدة متخصّصة للرصد، تكون مسؤولة عن إعداد تقارير ومراجعات دورية حول المحتوى المنشور على المنصات، بالإضافة إلى متابعة الصحف ووسائل الإعلام المحلية.

 

وتهدف السفارة إلى توسيع نطاق نفوذها، عبر تشكيل قنوات اتصال مع وسائل الإعلام المحلية، ممّا يُتيح لها نشر المواد التي تروّج لأجندة الكيان وسرديته.

 

عند الحديث عن رصد السفارة لأنشطة المغرّدين المناهضين للاحتلال، تبرز في الواجهة شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" التابعة لجيش الاحتلال، والتي أوكلت مهمة التجسّس الالكتروني لوحدة 8200 فيها، بحيث تعمل على التنصّت وفكّ التشفير بهدف إيصال المعلومات والتحذيرات للقيادة المركزية وهيئة الأركان.

 

الوحدة المذكورة تُدير قاعدة عسكرية كبيرة في صحراء النقب، وتُعدّ من أكبر القواعد المخصّصة للتنصّت في العالم، وهي بحسب  صحيفة "لوموند ديبلوماتيك" الفرنسية، قادرة على مراقبة كافة وسائل التواصل بما فيها المكالمات والبريد الإلكتروني وغيرها، في دول الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأفريقيا.

 

الصحيفة أكدت امتلاك "اسرائيل" مراكز تنصّت في سفاراتها، ما يدفعنا اليوم إلى التأكد بما لا يحمل الشكّ أن التعاون الأمني بين سفارة الاحتلال في المنامة وأجهزة آل خليفة قائمٌ إذا لم نقل نشيط ومكثّف، والهدف تقصّي كلّ من يحمل فكرًا مقاومًا وقوميًا في البحرين يعكسه عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي. 

 

من هنا، لا بدّ من التحذير من هذه الشراكة الأمنية بين الجانبين وما قد تتسبّب به من خطورة على صعيد المواطن البحريني الشريف الذي يرفض اتفاق التطبيع من أساسه، وتشريع البلاد أمام عدو الأمتين العربية والاسلامية تنفيذًا لمخططاته التوسعية وأطماعه.