بناء مساجد جديدة في البحرين.. أليس الأولى إعادة إعمار المُهدّمة؟

2025-03-02 - 1:08 م
مرآة البحرين : يقول الخبر الرسمي إن ولي عهد البحرين سلمان بن حمد أمر بافتتاح وترميم وتأهيل 40 مسجدًا تابعًا لإدارتي الأوقاف السنية والجعفرية، في كافة محافظات المملكة، وذلك في سياق خطة تطوير الجوامع والمساجد. وللغاية وجّه بتوفير الميزانية اللازمة لتنفيذ خطة إعمار بيوت الله، ومواصلة اتباع المعايير الحديثة والتصاميم الإسلامية في بناء وتطوير المساجد، كما وجّه وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بالتنسيق مع الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بسرعة البدء في التصميم، والبناء، والترميم والتأهيل.
مع إعلان الأمر، بدأ المطبّلون في مجلس النواب بعزف نغمتهم للإشادة بالخطوة تحت عنوان أنها حرصٌ من القيادة على رعاية الشأن الديني وتعزيز البنية التحتية للمساجد.
عند الإطلاع على نصّ الأمر الصادر عن ولي العهد، يتبيّن وفق ما أعلن وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف نواف المعاودة، أن الوزارة بدأت التنسيق مع إدارتي الأوقاف السنية والجعفرية وهيئة التخطيط والتطوير العمراني لمباشرة تنفيذ هذه المشاريع وإنجازها، على أن تشمل هذه الخطوة افتتاح 6 مساجد، ووضع حجر أساس لمسجديْن، وترميم وتأهيل 32 مسجدًا.
صحيحٌ أن ما صدر يبدو جذّابًا، إلّا أن الحديث عن المساجد وبنائها وإعادة ترميمها ينقلنا إلى فترة الطوارئ التي عاشتها البحرين بعد عام 2011، والتي تخلّلها هدمٌ للمساجد التابعة للطائفة الشيعية، ولاسيّما أن بعضها إمّا بُني بجهدٍ أهلي ومبادرات خيّرين، أو من قبل الأوقاف الجعفرية نفسها.
التمييز الفاقع في حينها، واستهداف هذه المساجد البالغ عددها 38 وفق إحصائيات المُهتمّين بالحريات الدينية في البحرين، أدّى إلى موجة من الحزن والسخط الشعبييْن جراء استفحال عملية الاضطهاد الديني بذريعة مخالفة المساجد للقانون.
في تلك الفترة، فسّر المواطنون البحرينيون فَعلة الدولة على أنها إبادة ثقافية وانتقام سياسي من الطائفة الشيعية وأبنائها المتمسّكين ببيوت الله، الحاضنة الاجتماعية والدينية والسياسية الأولى بالنسبة لهم. هؤلاء الذين سجّلوا موقفًا سلميًا عام 2011، تكفله كلّ مواثيق الحريات والتعبير عن الرأي التي تعترف بها كلّ دول العالم، ووجدوا أنفسهم لاحقًا أمام موجة تنكيل بحقّهم وملاحقات وعقاب جماعي، بعد رفعهم راية "مساجدنا نبع إرادتنا". وقد أشار وقتها تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق إلى إقدام حكومة البحرين على هدم مساجد للطائفة الشيعية، بعد أن استطاعت إجبار المحتجّين بالقوة المفرطة على العودة لمنازلهم.
من جهة علماء البحرين الكبار، القضية محسومة، فالمساجد التي تعرّضت للتنكيل والاستهداف المباشر وهتكٍ لرمزيّتها الإسلامية، يجب أن يُعاد بناؤها، لكنّ المؤشرات الواردة من جانب السلطة لا تشي بذلك، أو في الحدّ الأدنى لا تُطمئن المُتضرّرين من عمليات الهدم بأن إعادة إعمارها آتية.
ثمّة من يرى فيما صدر عن سلمان بن حمد استكمالٌ لعملية تجميل صورة وسُمعة الدولة أمام الرأي العام الغربي، وترويج سخيف لشعار التسامح بين الأديان، يستعرض مفرداتها أمام جميع الدول ليقنعها بأنها فعلًا تسعى إلى رأب الصدع العميق مع الشعب، لكن الحقيقة على الأرض في مكان آخر تمامًا.
كذلك ثمّة من يرى أن أولوية الدولة كان يجب أن تكون لمراجعة حقيقية تدفعها إلى تصحيح جريمتها في هدم الجوامع، عبر بناء بيوت الله المهدّمة قبل التكلّف وتمويل عمليات ترميم وبناء مساجد جديدة وتناسي كلّ ما اقتُرف بحقّ دور العبادة في فترة 2011 وما تلاها. المطلوب إذًا أن تُعيد الدولة وأجهزتها حساباتها تجاه الشعب حتى تكون صادقة مع نفسها في الدرجة الأولى، بما يساهم في استعادة ثقة فئة وزانة وعريضة منه، فالعودة عن الإبادة الثقافية أربح وأسهل بكثير من تجاهل هذه الصفحة وكأنّ شيئًا لم يكن.
- 2025-03-04التعاون الأمني بين دولة آل خليفة والعدو الصهيوني: الشعب في واجهة الاستهداف
- 2025-03-01بين جامع الفاتح ومنبر الدراز: أزمة الوطن في الصورة
- 2025-02-27شعب البحرين لسيد النصر: نحن أيضًا على العهد
- 2025-02-20الدولة البحرينية تنفصم مجدًدًا وتُلاحق سيد المقاومة إلى شهادته
- 2025-02-19الحوار الإسلامي الإسلامي وضحايا الاضطهاد الطائفي في البحرين Don't mix !