التعليق السياسي: كُلفة الإصلاح وكُلفة الأصباغ

2025-02-19 - 5:24 م
مرآة البحرين (خاص): ماذا يمكنها أن تفعل أموال العلاقات العامة التي تصرفها السلطة على تحسين سمعتها لو أُنفقت على الإصلاح في الداخل؟
يبدو السؤال مستهلكاً، لكن تجاوزه ربما يقترب إلى حدّ الجريمة، خصوصاً عند معرفة أحوال المواطن البحريني الذي يأنّ تحت وطأة الواقع المعيشي المتردّي!
الأمر كلّه مستهلك أيضاً، فالجميع في الداخل والخارج يعرفون، بما فيهم الإمام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أنهم يتعاملون مع ضبع ضارٍ مع أهل بيته، وحمل وديع مع من هم خارجه.
لا جديد في هذا الأمر، الصورة إلى هذا الحدّ صارت من المسلّمات، والأمر برمّته أصبح مادة للتندّر اليومي في الشارع البحريني، وربما كان من الأصح أن نتساءل: لماذا تمارس السلطة هذا الدور بدمّ بارد دون أن تشعر بالعار أو الخسارة؟
تستضيف السلطة في البحرين هذا اليوم الأربعاء (19 فبراير 2025) المؤتمر العالمي للحوار الإسلامي الإسلامي الذي ينظمه الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين بالتعاون مع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في البحرين.
ما الخطأ في الأمر؟
لا خطأ، فالبحرينيون يؤيدون الحوار من دون استثناء، معارضة وموالاة، ويؤيدون هذا النوع من المؤتمرات إذا كانت تنطلق من دوافع صادقة وفي بيئة نظيفة، لكنهم يشعرون بالمهانة عندما يرون كيف تغلق عليهم حكومتهم أبواب الحوار وتصدّ عنهم بوجهٍ عبوس مكفهرّ، ثم تلاقي العالم بالابتسامات العريضة والصدر الرحب!
إنها بروباغاندا بحمولة نفاق خسيس ومقزّز.
وبالعودة لحسابات الربح والخسارة التي تثقل ميزانية السلطة، لا شك أن تكلفة التلميع أكثر بكثير من تكلفة الإصلاحات، فالمواطن البحريني لا يريد سوى ما يحفظ كرامته.
في ديسمبر 2021 مثلاً، افتتحت أكبر كنيسة في الخليج بمنطقة عوالي. وفي نوفمبر العام 2022 استضاف استاد البحرين الوطني قدّاساً ترأسه البابا فرنسيس بحضور 28 ألف شخص بحسب الصحف المحلية، وعلى الرغم من قلة أعداد المسيحيين في البحرين، فقد رعت السلطة كنائس عديدة وشيّدت بعضها على أراضٍ ممنوحة من رأس الدولة ، حيث توجد 18 كنيسة مسجلة رسميًا في بلد نسبة المواطنين المسيحيين فيه لا تبلغ حتى 1% !
هذا المشهد يكمله نشاط مركز الملك حمد للتعايش السلمي، والأعمال الروتينية لوزارة الخارجية في أمريكا وبريطانيا، وحساب مفتوح من الدنانير غير المعدودة لهذا الأمر!
لكن هناك ما ينغّص على السلطة عملها، ولسوء حظّها، أن تقريراً واحداً لمنظمة حقوقية دولية حول الاضطهاد الديني، عن غلق جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز مثلاً، عن اعتقال الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق مثلاً، عن إغلاق أكبر هيئة علمائية للشيعة مثلاً، عن الـ11 مسجداً مهدماً منذ عمليات الانتقام في 2011، عن مسجد ومقام صعصعة بن صوحان العبدي مثلاً، يبعثر هذه الأموال في الهواء وكأنّ شيئاً لم يكن!
سوف يتفهم الشعب البحريني لو كانت السلطة بالموازاة مع أعمال العلاقات العامة هذه، يجد شيئاً على الأرض، لكن الأمر يبدو كانتقام مزمن ومتواصل! وفي الحقيقة، لم تعد كذبات النظام حول الحوار والتعايش والتعددية والتسامح تنطلي على أحد، وعلى الأرجح، سيعود من بعد مؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي بخفي حنين مرّةً أخرى، كما في كلّ مرّة ومرّة!