الحوار الإسلامي الإسلامي وضحايا الاضطهاد الطائفي في البحرين Don't mix !

2025-02-19 - 7:06 ص

مرآة البحرين: المناسبة حوارٌ إسلامي إسلامي، المكان البحرين، والشعار "أمّةٌ واحدة ومصيرٌ مشترك". على هذا الأساس، تحشد الدولة كثيرًا كي يكون المشهد مُلمِّعًا لصورتها أمام الحاضرين والمشاركين. المؤتمر يمتدّ ليومي 19 و20 شباط/فبراير بتنظيم من الأزهر الشريف، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمملكة البحرين، ومجلس حكماء المسلمين.

 

تتحيّن البحرين الفرص دائمًا لتجميل واقعها المأزوم أمام الوافدين إليها، لكن اليوم وصل الاستثمار الى حدّه الأقصى. استضافةٌ لمؤتمر سيحضره نحو 400 شخصية إسلامية من مختلف أنحاء العالم، تلبية لدعوة شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب التي أطلقها خلال ملتقى البحرين للحوار في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، بغية تعزيز الشأن الإسلامي ووحدة المسلمين.

 

بعيدًا عن الأهداف المُعلنة المليئة بالنوايا الإيجابية وفق ما هو مُحدّد إعلاميًا، يتوقّف الكثيرون عند وظيفة الحوار الإسلامي الإسلامي الذي تنكبّ السلطة الحاكمة في البحرين على الترويج له، فمقارنة ما تعيشه المملكة الخليجية منذ أكثر من عقد، لا تحمل المواكبين لهذا المؤتمر على الاقتناع فعلًا بأن الملك حمد بن عيسى وكلّ أجهزة الحكم تؤمن وتطبّق مبدأ الحوار الإسلامي بين مكوّنات البحرين. 

 

المسألة واضحة لا تحتاج إلى تفسير. لا توازن بين عنوان المنتدى وبين الدولة المستضيفة له. التناقض بادٍ وفاقع، فالدولة انتهجت طيلة 14 عامًا من عمر الأزمة الخانقة في البحرين مبدأ إلغاء مكوّن إسلامي أساسي في البلد، وقرّرت أن تختصر جميع فئات المجتمع البحريني بشخصها هي. 

 

وعليه، الحوار الاسلامي الإسلامي الذي تتعمّد الدولة البحرينية إظهار حماستها له يبقى ناقصًا في ظلّ الآتي: 

 

* يشكو أكثر من 80 ألف مسلم شيعي من الإقصاء الممنهج بحقّهم، في ظلّ قرار الدولة منعهم من المشاركة في العمل السياسي والثقافي والخيري، أو حتى الانضمام إلى عضوية أيّة مؤسّسة عامة داخل الدولة والسبب عقاب سياسي بقانون عزل رسمي على خلفية خياراتهم السياسية التي تضمنها كلّ مواثيق حرية الرأي والتعبير في كلّ دول العالم.

 

* عشرات علماء المسلمين الشيعة والمشايخ يقبعون إمّا في السجون، وإمّا في المنفى، أو أضحوا مسحوبي الجنسية، جراء تضييق الدولة عليهم وحرمانهم من حقّ إبداء آرائهم الوطنية ومواقفهم من مختلف القضايا الداخلية، ولأنهم غير محسوبين على تيار الموالاة في الدولة. 

 

* التعامل الدوني مع المكوّن الشيعي في الحياة اليومية في البحرين يبدو وكأنه قدرٌ قاسٍ بالنسبة للبحرينيين الشيعة، فهؤلاء يعانون الأمرّين على صعيد التوظيف والتعليم وممارسة الحريات، فيما تحوّل الشيعة المُعيّنون من قبل الدولة في بعض المواقع الرسمية كـ"دومينو" درجة خامسة، أمرُ حركتهم يصدر من الديوان الملكي حصرًا. 

 

* الدولة تعتدي على خصوصية المسلمين الشيعة المذهبية بشكل جليّ، فهي تتدخّل وتتحكّم وترسم صورة التشكيلات والترتيبات في الأوقاف الجعفرية، والقضاء الجعفري، وصولًا إلى مساجد الشيعة، بما لا يخدم أبناء الطائفة، بل السلطة الحاكمة فقط. 

 

 

من أجل هذا كلّه، وكي يكون مؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي مُنتجًا وشاملًا ومُنسجمًا مع أهدافه، كلمّ شمل الأمة بمكوّناتها المتعدّدة، وبيان مساحات الاتفاق الواسعة بين المسلمين، لا بدّ من أن يلحظ هذه المشكلة القائمة في البحرين كي يستوي مبدأ الحوار بشكل لا يشوبه شيء. 

 

وحتى يحتضن الحوار الإسلامي الإسلامي عموم المسلمين في البلد المستضيف، وحتى يُترجم شعار "أمّة واحدة ومصير مشترك"، من المفيد أن يلاقي الراعون ضحايا الاضطهاد الطائفي والتمييز المذهبي، لذلك هؤلاء يرون ضرورة وحاجة ملحّة أن يستمع إليهم شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب ويتعرّف إليهم وكيف يتعرّضون للغبن في بلدهم. ومن بين هؤلاء أيضًا، من يتمنّى من شيخ الآزهر الشريف تشريفه لهم في مناطقهم وربّما في الدراز وجامعها الممنوع فيه اقامة اهم وأكبر صلاة جمعة للشيعة في هذا البلد المسلم، حيث التضييق الطائفي يتجلّى في أبهى صوره، علّه يستطيع أن يكون وسيطًا لحلّ النزاع القائم، ورسول محبّة وسلام وتعايش يُخرج المضطهدين من هذا النفق المظلم.