عبء التجنيس في البحرين (2): الدولة تتخلّص من المرتزقة

ولي العهد مع السفير الباكستاني في البحرين
ولي العهد مع السفير الباكستاني في البحرين

2025-02-15 - 9:42 م

مرآة البحرين : في الحديث عن آليات مراجعة خطيئة التجنيس في البحرين، تتقدّم معطيات جديدة تُشير إلى إقدام الدولة على ترحيل آلاف المجنّسين. ما بات مؤكدًا في هذه الخطوة أن الدولة وصلت إلى قناعة أن هناك ضرورة لتصحيح فعلتها وما سبّبته من شرخ في تركيبة المجتمع البحريني خدمة لأهدافها التسلّطية.

 

هو التصحيح إذًا، لكن ليس حبًّا بمن ظُلموا جراء قرار التجنيس العشوائي، بل مراجعة لميزان الخسارة الذي بات ثقيلًا عند الدولة. الشوارع امتلأت بالغرباء والاكتظاظ بلغ حدودًا قياسية في كلّ المناطق، والطارئون على الهوية الوطنية يتمادون بحثًا عن مزيد من الامتيازات والمشاريع والاستثمارات والأرباح، وكأنهم الوحيدون في البلد.

 

القبضة الأمنية التي استفحلت في البلد بعد عام 2011 عبر عمليات القمع واستقدام الأجانب وتجنيسهم ثمّ زرعهم في وظائف أمنية، قد تكون واحدة من دوافع السلطة للإقدام على فعلتها، لكن هذه الخيارات سرعان ما تجلّت مساوئها. في السجن مثلًا، حيث يُشرف عناصر شرطة مرتزقة ومجنّسون على مئات المعتقلين السياسيين، يُعبرون بكلّ صراحة خلال حواراتهم مع السجناء بأنهم لا يملكون إلّا خيار العمل كمرتزقة، بسبب ضيق المعيشة ببلدهم. هكذا تلعب الدولة على حاجة الأجنبي مقابل تأمين خدمة أمنية لها. 

 

هنا تبرز قضية تجنيس الباكستانيين وتحويلهم إلى بحرينيين، فوفق آخر المعلومات، رحّلت الدولة 700 باكستانيًا مجنسًا، بعدما اكتشفت انتماءهم للمذهب الشيعي، بما لا ينسجم مع خطّة اللعب بالتركيبة الديمغرافية للبلد. 

 

الباكستانيون المسحوبة جنسيتهم البحرينية مؤخرًا، تمكّنوا على ما ييدو من تخطّي اجراءات التحقّق الطائفية عند استقدامهم للعمل كمرتزقة في الأجهزة الأمنية، على الرغم من آلية "الفلاتر" التي تعتمدها الدولة قبيل اتخاذ قرار منح الجنسية، أي من تفاصيل الهوية الشخصية، كالإسم ومنطقة السكن.

ولتأكيد طائفية قسم الأمن في إدارة الجوازات، يرفض الأخير منح تأشيرات العمل العادية لأي فردٍ من الجنسية الباكستانية، عند تأكّد انتمائه للمذهب الشيعي، والأدهى أن بعض هؤلاء العمال يلجأ لحيلة استبدال جوازه في بلده بعد تغيير اسمه ومكان ولادته، لتنجح محاولاته في تجاوز التدقيق المذهبي والقدوم للعمل في البحرين.

 

لقد تبيّن للدولة، أن لجوءها لتجنيس الباكستانيين كان خيارًا مشوبًا بالمخاطر، وقد يهدد تحقيق هدفها الأساسي في ضرب الخارطة الديمغرافية لسكان البلد الأصيلين. لذا، لم تجد بُدًا من ضرب ذات الفئة التي استقدمتها بغرض ضرب مكون عريض من أبناء البلد، فيا لسخرية القدر !

أما لمن يسأل هنا عن الإنسانية والمبادئ والأخلاق، فبإمكانه الاستعانة بأدبيات مؤسسات الدولة الحقوقية، وليملأ جعبته بمفردات تقاريرها الموسمية وغير الموسمية، عن المواطنة والحريات والتعايش، ولا ننسى الشعار الأقرب لموضوعنا، محاربة الاتجار بالبشر.