التعليق السياسي: مصائر الحوار بين حيطة ولي العهد الهبيطة وحائط صد الموالاة
2012-12-16 - 10:57 ص
مرآة البحرين (خاص): تحتاج الأحداث أحياناً إلى إعادة ترتيب لإعادة قراءتها ومعرفتها، حكاية الحوار والجدل الدائر والتحولات اليومية الجارية، وربط كل قطع البازل لمعرفة ما يجري..
في (حوار المنامة) يحضر وليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، ومايكل بوسنر الوكيل الثاني لهيلاري كلينتون لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، إضافة لعدد مهم من أعضاء الكونغرس الأمريكي، ووزير الخارجية البريطاني وليام هيغ. يحضر كل هؤلاء هذا الحوار الذي ينظمه سنوياً المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية بالتعاون مع وزارة الخارجية البحرينية، لمناقشة الأوضاع الأمنية في منطقة الشرق الأوسط.
كثير من اللقاءات الثنائية عقدت على هامش المنتدى بين الوفدين الأمريكي والبريطاني من جهة وبعض المسؤولين البحرينيين من جهة ثانية، يتحدث ولي العهد عن ضرورة الحوار، في نفس الوقت يتحدث أمين عام جمعية الوفاق الوطني الشيخ علي سلمان في مكان آخر عن ضرورة هذا الحوار، ويطلب بشكل واضح من الجماهير منحه مساحة للمناورة، الأمريكيون كما هو معروف ردوا على تجاهل الدبلوماسية البحرينية ممثلة في ولي العهد لهم في خطابه، بتصريحات قوية طلبوا فيها إجراء حوار مباشر مع اشتراط معاقبة جميع من انتهكوا حقوق الإنسان في البحرين، البريطانيون في اللقاءات المباشرة مع الجانب الرسمي البحريني الذي شكرهم لخدماتهم الأمنية الكبيرة في حمايته، كانوا واضحين جدا في حث السلطة لإجراء حوار مع المعارضة.
يحدث بعد يومين فقط تطوران هامان، الأول هو قيام عضو مجلس الشورى محمد المسلم بمهاجمة ولي العهد علناً بل سأله بما معناه "من أنت؟" حينما تساءل عن ماهية موقع ولي العهد في الدستور، وانتقد دعوته للحوار واشتكى من تغييب السلطة التشريعية من القرارات لكنه يسأل في النهاية "وأين رئيس الوزراء من ذلك؟" سؤال يقول بوضوح أن محمد المسلم لا يتكلم بلسانه، ولا ينطق من فيه، بل هو مجرد (برطم) يتحدث به الخوالد وخليفة بن سلمان بصوت مموّه.
في اليوم التالي يحضر رئيس الوزراء بنفسه متكدر الملامح على هامش جلسة المجلس النيابي، يعقد اجتماعا في صالة جانبية مع نواب المجلس ذي الشرعية المُقوضة، ثم يرحل تاركاً خلفه الكثير من التساؤلات والإشاعات.
بعد يوم إضافي، يتقدم الديوان الملكي عبر ذراعه البحثي مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة (دراسات) الذي يقوده الوزير محمد عبدالغفار بتنظيم ندوة حقوقية تحت عنوان (حقوق الإنسان في البحرين... إنجازات وطموحات: نظرة إلى المستقبل)
يجمع فيها المعارضة مع الموالاة ويجلس عبدالغفار والوزير الفاشل الآخر صلاح علي في المنتصف، يستمعان للمختلفين. هنا الجانب الرسمي يجلس نائياً كالعادة بنفسه عن الحوار المباشر مع المعارضة، يتكفل له جناح الموالاة بوظيفة (حائط صد) كلام لا موقع له من إعراب السياسة، لا يقدم ولا يؤخر، إذ لا يوجد أحد في هذه الندوة ممن يمثل أجهزة القمع أو القائمين على القرار الأمني، كلام في الهواء، يحاول النظام الاستفادة الإعلامية منه بأكبر طريقة ممكنة، بعد يومين يخرج الوزير محمد عبدالغفار معبرا عن شهية الديوان بتكرار مثل هذه الجلسات، لأجل التمهيد للحوار.
في تلك الجلسة يتكفل حائط الصد (الموالاة) بمحاولات فرض شروط وخطين أحمرين أولها ما يسميه هؤلاء (وقف العنف) وترجمته هي: وقف الحراك الثوري على الأرض، والخط الثاني المعروف هو حظر طرح فكرة تغيير أو تبديل رئيس الوزراء، باعتبار حدوث ذلك مسّا بطائفة من المواطنين، وكأن خليفة بن سلمان زعيم طائفة.
اللافت كان هو حرص الجمعيات السياسية الموالية على التأكيد عبر كل وسائل الاعلام إن تلك الندوة وما جرى فيها (لا يرقى لمستوى الحوار)، تأكيد يضع تنفيذ شرطهم كبند أساسي قبل ولوج أي حوار، الشرط هو الحفاظ على خليفة بن سلمان في موقعه.
يتلو هذه الندوة تصريح لأمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان لوكالة روسيا اليوم يقول فيه: هناك اتصالات رسمية أوليّة بخصوص الحوار المفترض، كانت هذه الاتصالات مع ديوان ولي العهد، يتلو ذلك تصريح آخر للشيخ علي سلمان يقول فيه: إن إقالة رئيس الوزراء (حاليا) مستبعدة.
يمضي يوم واحد تشتد فيه مقالات الموالاة وحديثهم في مواقع التواصل الاجتماعي عن التهميش الذي يدعون أنه يمارس بحقهم، وينتقدون ولي العهد باطنا وعلنا.
في يوم الجمعة الماضي يخطب الشيخ عيسى قاسم في جامع الدراز يطلب بوضوح تام لا لبس فيه "تجاوز الأصوات التي ترى في الحوار حرقاً للوطن" واضح من يقصده الشيخ، هناك رئيس الوزراء وخلفه من اشتراهم واشترى جماهيرهم معهم يهتف "أنا أو الفوضى" بعد ساعات قليلة يخرج تصريح من ديوان ولي العهد يؤكد فيه بما معناه أن الحوار لن يقتصر على المعارضة وأنه لن يُقصي أحداً وأن الحوار المفترض سيكون بين أطياف المجتمع وبمشاركة جميع المكونات. يسبق هذا البيان كلام جديد للشيخ علي سلمان "ليس هناك حوار، ما يجري الآن هو اتصالات فقط".
خليفة بن سلمان وخلفه الخوالد يعرقلون مجدداً ويفرملون أي انطلاقة، يريدون دخول الحوار عبر قفازاتهم المعروفة: جمعية تجمع الوحدة الوطنية، جمعية الأصالة السلفية، جمعية المنبر الإسلامي التي تمثل توجه تيار الإخوان المسلمون النفعي، لذا يتضح أن قبول ولي العهد بشرط دخولهم لأي حوار من بدايته هو إعلان مبكر لفشل الحوار، لماذا؟.
لأن جماعات الموالاة معنية بالتمسك بمنافعها باستمرار سياسة التمييز الطائفي ومفاتيح هذه السياسة هو الملك الساكت حتى الآن وجناحه المفضّل الخوالد، وخليفة بن سلمان المستعد للعب دور المنُفّذ والبلدوزر الذي يهدم كل شيء، لهذا فشلت المحاولة حالياً على الأقل، إلا إذا كان ولي العهد يخفي في جيبه شيئاً ما، وهو أمر مستبعد لعدم قدرة ولي العهد على المواجهة أصلا. حتى رئيس مجلس الشورى علي الصالح عاد لينفي حديثاً نسب له حول إعادة الجنسيات المسحوبة من 31 مواطناً ومواطنة!.
الملك كعادته عند كل طارىء يصمت، انتقل في زيارة قصيرة للرياض وعاد سريعاً، هدأ بعدها كل شيء، انصرف لسباقات الخيل كأن شيئا لم يكن.