تحول مجلس العائلة الحاكمة إلى مجلس أمني عسكري
2012-11-07 - 11:31 ص
مرآة البحرين (خاص): الإمعان في الجنون أكثر، أحد مظاهره تحول مجلس العائلة الحاكمة إلى مجلس أمني عسكري، يتخذ قراراته التصعيدية خارج أطر الدولة، قرار سحب الجنسية لم يأت في سياق إداري واضح، لا يعرف المحامون حتى اللحظة هل هو مرسوم أو بيان أو قرار أو حكم أو توافق داخل مجلس العائلة. لكنه في المحصلة نتيجة تخبط واضح لغياب الدولة، قرر المشير في لحظة من لحظاته العبقرية أن يستعجل اجتماع مجلس الوزراء الاستثنائي اليوم الأربعاء، ويعلن عن إسقاط الجنسية عن 31 مواطنا.
وفق قانون الجنسية البحرينية وتعديلاته ( 1963) يجوز لصاحب العظمة إسقاط الجنسية البحرينية: (أ) إذا دخل الخدمة العسكرية لإحدى الدول الأجنبية وبقى فيها بالرغم من الأمر الذي يصدر له من حكومة البحرين بتركها، أو (ب) إذا ساعد أو انخرط في خدمة دولة معادية، أو(ج) إذا تسبب في الأضرار بأمن الدولة.
يتفرد الملك بحكم الإعدام وبحكم إسقاط الجنسية التي هي حكم إعدام معنوي فهذا الإسقاط تماماً كالإعدام يمثل أقصى حالات القسوة. وقد استخدمه الحكم استخداماً سياسيا متعسفا في الثمانينيات والتسعينيات دون اكتراث بالمادة 15 من إعلان حقوق الإنسان التي تنص على: لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.. لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها.
لقد تحصل وزير الديوان في رحلة للسعودية الأسبوع الماضي على رخصة في استخدام التصعيد الأمني الذي بدأ بتصعيد الحملة التي تستهدف الشيخ عيسى قاسم تحت عنوان التحريض على العنف باستخدام خطبة (اسحقوه). ولن يكون مستبعداً أن يعرض تلفزيون البحرين خلال الساعات القادمة اعترافات لمواطنين يقرون بتطبيقهم فتوى شيخ عيسى قاسم في قتل الآسيويين.
وفي سياق انسداد الحلول السياسية لن يكون مستغرباً أن يتخذ مجلس الوزراء في اجتماعه الاستثنائي اليوم قراراً بتجميد جمعية الوفاق أو تشميعها أو غلقها أو حلها بعد أن استهدف أمينها العام إثر زيارته لمصر وموضوع الاستدعاء مازالت قضيته مفتوحة، وقبل ذلك لا ننسى استهداف منزل شيخ علي سلمان واستهداف جسده. لذلك لا نستبعد أن تستخدم دبابات الجيش ومدرعاته لمنع إقامة صلاة الجمعة المركزية في الدراز خلف الشيخ عيسى قاسم.
الحلول المجنونة تجمع بين الاستعجال والحماقة وضيق الأفق، وكلها متحققة في ممارسة لن نقول السلطة بل رجال السلطة، لأن السلطة تبقى في أقصى حالاتها محافظة على قدر من عقلانية النظام في تسيير شؤونها ولا تفلت إلى حد الجنون. الدولة من غير حكمة عقل يديرها تتحول إلى ثور نطّاح، يضرب في كل اتجاه وبلا تخطيط. هل هناك أكثر دلالة على غياب العقل من اعتبار (المشير) سحب الجنسية من الشيخ حسين نجاتي رسالة إلى إيران. وإذا كان الأمر كذلك فلسنا ندري إلى من يوجه عقل الدولة (المشير) رسالته في سحب جنسية عالم الاجتماع الدكتور عبدالهادي خلف.
لن يكون للدولة عقل مادامت تدار بضغينة الخوالد، فلا يروق لهم أن يلوح أفق أي حل سياسي أو مبادرة حوار. لقد قادوا الدولة نحو الجنون في فترة السلامة الوطنية، ويودون استعادة هذه القيادة كلما لاح عقل يتحدث عن مصالحة أو توافق أو تحاور.
سيكون العالم غداً مشغولاً بمتابعة الانتخابات الأمريكية ولن يكترث إلى موضوع إسقاط الجنسية عن 31 مواطناً بحرينيا، لكن لن يكون مشغولاً للأبد عن هذا الجنون. فالمجتمع الدولي يدفع باتجاه إيجاد حل سياسي يجنب البحرين الفوضى السياسية والاضطراب الأمني. وإذا ما قدر لأوباما أن يفوز فالأمر سيكون باتجاه تحقيق حل سياسي، فالأمور لا يمكن أن تبقي كما هي كما يقول. لقد وعد بوسنر المعارضة في مؤتمر جنيف بثلاثة شهور عجاف، لكن سيأتي بعدهم وقت فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ.