رواتب وعلاوات عائلة الحكم في البحرين هل تقود إلى حرب داخلية بين القصور

عباس المرشد - 2024-11-12 - 9:44 م

الأرقام الصادمة التي يطرحها كثير من المراقبين لمشروع موازنة الحكومة في البحرين تثير علامات غضب واستهجان ؛ إذ كيف تقبل عائلة الحكم أن تستحوذ على أكثر من 250 مليون دينار سنويا وترهق الشعب بفاتورة سداد الدين العام الذي تجاوز في غضون العشر سنوات الأخيرة أكثر من 24 مليار دينار، أي ما يقارب من 60 مليار دولار دون أن تنعكس آثار ذلك على المواطنين وحياتهم.

 

‏في بعض التفاصيل هناك حوالي 40 مليون دينار من هيئة الغاز لم تدخل خزينة الدولة ولا يعرف أحد اين ذهبت!

‏والملفت هنا أن هذا الملبغ اختفى مع تولي نجل الملك ناصر بن حمد رئاسة هيئة الغاز وبعبارة شعبية كانت الأربعين مليون دينار هدية تسلم المنصب لا أكثر، في حين لا يعرف أحد كم يتم تحويل من ثروات النفط والغاز إلى الحساب الشخصي لنجل الملك.

 

‏ما من شك أن كشف التفاصيل المتعلقة بالأموال الحكومية سيغرقنا في الغضب والشعور بالهزيمة أمام جشع عائلة الحكم وحرصها على مراكمة الثروات الشخصية لأفرادها من صناديق الدولة وثرواتها.

 

‏لا يختلف سلوك ناصر عن سلوك أخيه سلمان أو والدهما حمد بن عيسى؛ فالجميع هنا يرنو إلى أن يصبح الأكثر ثراءا و الأكثر جمعا للمال.

 

‏والحقيقة أن هذا السلوك هو سلوك متجذر ومتوارث لدى أفراد العائلة الحاكمة تؤكده جميع الوثائق البريطانية التي تتحدث عن موازنة الدولة منذ إقرارها لأول مرة في العام 1924 حيث تفصح أرقام الموازنات اللاحقة أن حوالي 40٪ من موازنة الدولة تذهب للحاكم وبيت الحكم في حين يعيش باقي المواطنين على المتبقي الذي يشاركهم الحاكم فيه أيضا.

 

‏استمرت عقلية الاستحواذ والنظر إلى ثروات البلاد على أنها ملك شخصي لعائلة الحاكمة دون تغير يذكر بل على العكس من ذلك توسعت تلك الرغبة وتوحشت الى أن أصبح التعايش معها شبه مستحيل.

 

‏فنظرة خاطفة على مصادر الثروات الوطنية تعطينا صورة مفصلة حول كيفية الاستحواذ المقنن الذي يغلب سلوك أفراد تلك العائلة.

 

‏حدث ذلك بعد وفاة رئيس الوزراء خليفة بن سلمان إذ قسم الملك البلاد وثرواتها على أولاده حصرا فأعطى النفط والغاز لنجله المدلل ناصر وجمع بقية المصادر المالية لولي عهده سلمان تحت عنوان شركات ممتلكات مع أخذ تعهدات من اخوته بعدم منازعة سلمان في الحكم.

 

‏ليحدثنا أحد عن حقيقة الدخل ورأس المال الذي يمتلكه ناصر أو سلمان أو خالد أو حتى الملك نفسه!

‏وليحدثنا أحد عن حقيقة المدخول الاقتصادي لشركات النفط والغاز ومجموعة شركات ممتلكات ومقدار ما يدخل من هذه الشركات إلى خزينة الدولة!

‏لن نجد إجابة مدققة ماليا بل سنجد كشف حسابات مكرر سنويا مع زيادة قروض وديون ترفع لمجلس النواب الأصم ليوافق ويبصم عليها.

 

‏الحقيقة التي يجب التوقف عندها ليس في كمية السرقات ولا في عدد الثقوب السوداء في الموازنات ولا في قيمة الحسابات البنكية الخاصة لأفراد بيت الحكم فكل ذلك اشياء تبعث على التقيؤ وعلى الغضب؛

‏ولكن الذي يجب التوقف عنده هو أن عائلة الحكم لم تستوعب الدرس التاريخي ولم تأخذ العبرة السياسية التي سببتها تلك السلوكيات وتلك السياسيات فعلى مدى 100 عام كانت الجزيرة تغلي وتغلي بشكل دوري نتيجة تلك السرقات؛

 

‏وواجهت عائلة الحكم الانتفاضة تلو الأخرى نتيجة لإجبار الشعب على أن يعيش الفقر ويقبل به مقابل رخاء وتراكم ثروات أفراد بيت الحكم. مع ذلك فإن مقولة هارون الرشيد يبدو أنها هي الأعلى قداسة عند من يملك فلو نازع الابن أباه في ملكه لقطع الوالد رأس ابنه..ولعل السيناريو الأشد بؤسا أن تتنقل الانتفاضات الشعبية من حيزها العام إلى أن تصبح انتفاضات قصور على بعضها وتعيش العائلة حربها الداخلية كما فعلت ذلك لأكثر من 15عاما بين 1842 و1867 هكذا هو التاريخ وهكذا يكمل دورته ويعيدها