نظريّة جنيف وحقيقة المنامة
2012-09-22 - 7:01 ص
مرآة البحرين (خاص): بعد جنيف؛ خرجَ النّظامُ البحريني بالأكثر خزياً. غير خافٍ على أحدٍ هذا الاختلال الذي يُحرِّك الضّمير الدّولي. لو كان ثمّة ميزان عادلٌ في "العالم الأميركي"؛ لأُخذَ وزير الخارجيّة – الذي تفاخرَ بقوّات الأمن - على متْن أوّل طائرةٍ تُحلّقُ نحو هولندا، وتحديداً حيث مقرّ محكمة الجرائم الدّوليّة. لكن الثّورة في البحرين تعرفُ كيف تسلكُ الطريق الوعرة، وباتت تملكُ الخبرةَ، والقدرةَ، الكافية لنزْع القشور عن اللّب الفاسد.
كانت جنيف محطّة للاختبارات. قدِّم فيها المعارضون تقدَّمهم في تحريك آليات المجتمع الدّولي. أمّا النّظام، فقدَّم هناك خلاصةً مفيدة على تشرّبه بالكذب والخداع والاستهتار بكلّ شيء. في جنيف، تبدو المساحة محدودة في استعراض الوعود والالتزامات والمواثيق. لكن المعارضة استطاعت أن تستثمر المساحة تلك في إنزال الغضب والسّخريّة على النّظام الخليفي. الحِسْبة، في نظريّة جنيف، ألاّ تُترك المساحة خالصةً للنّظام، لكي يسرح فيها ويمرحُ بالأكاذيب والوعود السّخيفة. كان مطلوباً أنْ يشعر قادة الاستبداد بأنّ المعارضين سيلاحقونهم في كلّ مكان، وأنّ المساحات الدّوليّة الضّيقة اليوم؛ قد تنفرج غداً شيئاً فشيئاً. وهذا ما فعله الوفدُ الأهليّ، وبأحسن المُتاح من الوقت والإمكانات.
في جنيف، يقوم النّاشطون بتوسيع المساحات الممكنة، واختراق الغرف المُغلقة لكي لا تتفرّد بها الأنظمة القمعيّة. النّظريّة لازالت قائمة، وهي تحت الاختبار المثير، وقد كان لها سبّاقون معروفون، أبرزهم عبد الهادي الخواجة ونبيل رجب وعبد الجليل السنكيس وعبد الغني خنجر. السّيرة السّابقة للنّاشطين تقول بأنّ نظريّة جنيف لها مبادئ أساسيّة، لا يمكن أن تتقدّم أو تُثبت جدارتها بدونها، وأهم هذه المبادئ هي استمرار الحراك الميداني، وحرفيّة التوثيق، وضمان مواكبة إعلاميّة دقيقة. سيُحسب للنّشطاء الأوائل، أنّ مدرستهم في النضال الحقوقي كسبت نقاطاً جديدة اليوم، فحين كانوا يذهبون – بجهدٍ متواضع وبعددٍ محدود – إلى جنيف في سابق الزّمان؛ كانوا وقتها معنيين بشرح نظريّتهم، وإقناع المعارضة بأهميتها التراكميّة، وأنّها ذات صلة مباشرة بالعمل السّياسي، وإنْ أحْجمت عن الامتثال القاتم للأحزاب وجماعات السّياسة.
لا تكتمل النّظريّة إلا بضمّها إلى الحقيقة الماثلة. والحقيقة هنا؛ هو الواقع المشهود. نظريّة جنيف، حيث المساحات المحدودة، والمكان المغلق، وأصوات التوثيق ونشطاء حقوق الإنسان.. بحاجةٍ إلى رديفٍ مُعاون من المنامة وحقائقها، حيث السّاحات الحيّة، والميادين المفتوحة، وأصوات الثّوار ونشطاء الحقّ السّياسي. في المنامة – مختبر النظريّة – انكشف للجميع كذبُ النّظام في جنيف، وبأسرع ما يكون، وبنحوٍ لا يفوت عدسات وتقارير الوكالات العالميّة. نفّذ النّظام، في ساحات المنامة، عملية اعتقال بالجملة لنشطاء الرأي، من الرّجال والنساء، من الصّغار والكبار والشّبان. مرّرَ على المتظاهرين هناك الإرهابَ والقمع الأعمى. طبّق النّظامُ - الذي يحلو له التعهّد بتنفيذ التوصيات - عقاباً جماعيّاً على مرأى من العالم. في المنامة، كانت ثمّة حقيقةٌ تُنازِع الغازات السّامة والطّلقات الحارقة والشّوزن.
في حقيقة المنامة، نجح النشطاءُ والثّوار، وخابَ النّظامُ ودجّالوه ومرتزقته وأنظمةُ البؤس التي تتستّر عليه. لجنيف ونظريّتها جولةٌ بعد أخرى، وللمنامة وحقيقتها جولاتٌ لا تنتهي، أو هكذا ينبغي أن يكون.
كانت جنيف محطّة للاختبارات. قدِّم فيها المعارضون تقدَّمهم في تحريك آليات المجتمع الدّولي. أمّا النّظام، فقدَّم هناك خلاصةً مفيدة على تشرّبه بالكذب والخداع والاستهتار بكلّ شيء. في جنيف، تبدو المساحة محدودة في استعراض الوعود والالتزامات والمواثيق. لكن المعارضة استطاعت أن تستثمر المساحة تلك في إنزال الغضب والسّخريّة على النّظام الخليفي. الحِسْبة، في نظريّة جنيف، ألاّ تُترك المساحة خالصةً للنّظام، لكي يسرح فيها ويمرحُ بالأكاذيب والوعود السّخيفة. كان مطلوباً أنْ يشعر قادة الاستبداد بأنّ المعارضين سيلاحقونهم في كلّ مكان، وأنّ المساحات الدّوليّة الضّيقة اليوم؛ قد تنفرج غداً شيئاً فشيئاً. وهذا ما فعله الوفدُ الأهليّ، وبأحسن المُتاح من الوقت والإمكانات.
في جنيف، يقوم النّاشطون بتوسيع المساحات الممكنة، واختراق الغرف المُغلقة لكي لا تتفرّد بها الأنظمة القمعيّة. النّظريّة لازالت قائمة، وهي تحت الاختبار المثير، وقد كان لها سبّاقون معروفون، أبرزهم عبد الهادي الخواجة ونبيل رجب وعبد الجليل السنكيس وعبد الغني خنجر. السّيرة السّابقة للنّاشطين تقول بأنّ نظريّة جنيف لها مبادئ أساسيّة، لا يمكن أن تتقدّم أو تُثبت جدارتها بدونها، وأهم هذه المبادئ هي استمرار الحراك الميداني، وحرفيّة التوثيق، وضمان مواكبة إعلاميّة دقيقة. سيُحسب للنّشطاء الأوائل، أنّ مدرستهم في النضال الحقوقي كسبت نقاطاً جديدة اليوم، فحين كانوا يذهبون – بجهدٍ متواضع وبعددٍ محدود – إلى جنيف في سابق الزّمان؛ كانوا وقتها معنيين بشرح نظريّتهم، وإقناع المعارضة بأهميتها التراكميّة، وأنّها ذات صلة مباشرة بالعمل السّياسي، وإنْ أحْجمت عن الامتثال القاتم للأحزاب وجماعات السّياسة.
لا تكتمل النّظريّة إلا بضمّها إلى الحقيقة الماثلة. والحقيقة هنا؛ هو الواقع المشهود. نظريّة جنيف، حيث المساحات المحدودة، والمكان المغلق، وأصوات التوثيق ونشطاء حقوق الإنسان.. بحاجةٍ إلى رديفٍ مُعاون من المنامة وحقائقها، حيث السّاحات الحيّة، والميادين المفتوحة، وأصوات الثّوار ونشطاء الحقّ السّياسي. في المنامة – مختبر النظريّة – انكشف للجميع كذبُ النّظام في جنيف، وبأسرع ما يكون، وبنحوٍ لا يفوت عدسات وتقارير الوكالات العالميّة. نفّذ النّظام، في ساحات المنامة، عملية اعتقال بالجملة لنشطاء الرأي، من الرّجال والنساء، من الصّغار والكبار والشّبان. مرّرَ على المتظاهرين هناك الإرهابَ والقمع الأعمى. طبّق النّظامُ - الذي يحلو له التعهّد بتنفيذ التوصيات - عقاباً جماعيّاً على مرأى من العالم. في المنامة، كانت ثمّة حقيقةٌ تُنازِع الغازات السّامة والطّلقات الحارقة والشّوزن.
في حقيقة المنامة، نجح النشطاءُ والثّوار، وخابَ النّظامُ ودجّالوه ومرتزقته وأنظمةُ البؤس التي تتستّر عليه. لجنيف ونظريّتها جولةٌ بعد أخرى، وللمنامة وحقيقتها جولاتٌ لا تنتهي، أو هكذا ينبغي أن يكون.