خدعوك بقولهم «حوارُ»
2012-08-13 - 8:24 ص
مرآة البحرين (خاص): قضي أمر «الحوار» الذي فيه تستفتيان. وقد صارت مألوفة، بل ممجوجة، من العالم ألعاب «التذاكي» التي يلجأ لها الحكم في كل مرة يستشعر فيها بحبل الخناق، عبر إغراق المجال العام بأكذوبة «حوار» غير موجود.
طيلة عام، ظلت أطراف الحكم، تعزف على وتر «الحوار»، حتى كاد المريب يقول خذوني. وهي تكذب، وتعرف أنها تكذب، إنما الغريب أنها تصدق نفسها. وهي تلعب في الكلمات وفي الوقت سواءاً بسواء. يظن الملك أنه قادر على تسويق نفسه مرة أخرى بحزمة كلمات فارغة.
تماماً، كما حصل له طيلة العشر سنوات التي أعقبت مجيئه إلى الحكم، حين سرق «شعارات» المعارضة التسعينية نفسها، حول «البرلمان» و«الإصلاح» و«إعادة الدستور»، وراح يرددها في كل محفل. ويومذاك لم يكن موجوداً زلزال بمقياس زلزال 14 فبراير/ شباط؛ لذا فقد انطلت على البعض حفلة «التكاذب» المتقن و«الهيلا هيلا».
أما وقد دارت «هيولى» 14 فبراير/ شباط، وأزهقت الأرواح، وأُبيحت المحرّمات، وأُشرعت أبواب السجون لتحتضن خيرة رجال البحرين وبناتها وشبابها، فعليه أن ينسى. نعم، على الملك، وطبالته الصبية، أن ينسى! فلا مزاعم «الحوار» التافهة، ولا الوعود الفاشلة، التي صارت «تطمّ» الآذان، لكن من دون أن تحمل لها البشائر، قادرة على أن تعيد له وعائلته جنة الاستقرار التي نعم بها على مدى عقد من زمان. وقد أساء التدبير فيها، فأباح البلد لعائلته، كي تسرق وتنهب وتميّز بين الناس و... تبطش!
انتهى زمن التذاكي. وبمثل ذلك، انتهى أيضاً زمن «تذاكي» النخب، من إسلامية ويسارية ووطنية في العموم، التي أغرتها، هي الأخرى «لعبة الكلمات» و«الوقت»، وراحت تجرّب في «الممكن» و«المناورة» والخبط في «مما ليس منه بد». حتى وصلنا إلى ما وصلنا.
هناك جيل نشأ متخفّفاً من حسابات السياسيين أو معادلاتهم البائسة. وقد جرى خبزه في «مطحنة» الواقع الدمويّ الذي أعقب مرحلة «الدوّار»، وهو غير مستعدّ أن يتنازل أو يسلّم باليمين من أجل الفتات. هذا معطىً يجب أن يؤخذ في الحسبان، سواء من الملك أو وزرائه «الديكور»، أو حتى بعض المعارضين المتذبذبين، ممن يلهثون وراء أيّة «ربطة خبز» ترميها لهم السلطة، كي يتقاتلوا عليها.
هناك جيل دفع الكلفة، وهو له حساباته «التعجيزية». ووضع ذلك في الحسبان، هو المدخل إلى التفكير بـ«واقعية» اليوم. فالواقعية قد لاتعني بالضرورة الوقوف على ضرورات أن هناك سلطة استطاعت بسط سيطرتها الجزئية، عبر آلة القوّة الجهنمية - وهذا مشكوك فيه!-. إنما، وهذا هو المعطى الجديد، بنشوء جيل طويل البال، لم يعد يكترث لهذه القوّة أصلاً، وهو يرى أنه «لم يعد ثمة شيء يخسره».
ولادخل له بما إذا كانت هناك أشياء لدى السياسيين، يمكن أن يخسروها.
لذا، فاللهاث وراء حوار تحت سقف «الممكن» اليوم و«ما ليس منه بد»، قد يخلّص السياسيين أو النخب المتعالمة من محنتهم، إنما محالٌ أن يخلّص البلد من محنته. وتلك الأيام نداولها بين الناس.