» رأي
ما الذي يحدث في دول الخليج ؟
أنور الرشيد - 2012-07-29 - 1:04 م
أنور الرشيد*
مُنذ هبوب رياح التغيير العربي، أو الربيع العربي، وكلُّ الشعوب العربية قاطبة تطلّعت لهذه الرياح كمنقذٍ لها ولكرامتها التي هُدرت على سفوح الاستبداد والفساد. ومن الإجحاف والمكابرة السياسية أن يقول أحدٌ بأنّ المجتمعات الخليجية مُحصنّة من هذه التغييرات التاريخية التي تهبُّ على المنطقة، وحصدتْ حتّى الساعة خمسة رؤساء عرب كانوا يحكمون بالحديد والنار، والسادس في طريقه للزوال و الاختفاء. أنا هنا لا أتكهن ولا (أضرب ودع) لكي أستشف المستقبل، لكن المؤشرات التي ألتقِطُها من هنا و هناك تُشير إلى أنّ التغيير قادمٌ لدول الخليج لا محالة، رغم كلِّ المُحاولات التي تجري هنا وهناك، لقمع وتأخير حركة التاريخ.
مثل ما يحصل في الكويت من محاولات للالتفات على الاستحقاقات الدستورية، أو في البحرين، التي تخوض الأسرة المالكة غمار معركةٍ غيرِ مضمونة النتائج، وأيضًا ما يحصل في سلطنة عُمان من اعتقالات، والمملكة العربية السعودية أيضًا، وقطر التي أيضًا نتمنى أن تُواكب مُستجدات العصر، وما يحصل في دولة الإمارات العربية المُتحدة، التي عُرفت أنّها من أهدأ دول الخليج سياسيًا و حراكًا اجتماعيًا، حيثُ تتداعى بها السياسات الأمنية بشكلٍ غير مسبوق، من خلال حملة اعتقالات تضرها أكثر مما تنفعها، وهذا واضحٌ من خلال ردود الفعل التي صاحبت حملة الاعتقالات الأخيرة، التي بيّنتْ حجم الخوف الهائل الذي يعتمر في عقلية المسؤولين من حراك بعض النشطاء المحسوبين على تيار الإخوان المسلمين، غير مُدركين بأنَّ هذه الاعتقالات تُقوّي ولا تُضعف، غير مُستفيدين من الحملات التي كانت تقوم بها السلطات المصرية على ذات التيار بمصر -والذي يحكم اليوم مصر- لا لأن لديه برنامج، وإنّما لتعاطف الشعب معه. نتيجةً لهذه السياسات الغبية التي اتبعها حسني مبارك، ها هو اليوم في السجن، وهم يحكمون.
ما يُهمّني في الحقيقة هو استقرار المُجتمعات الخليجية في ظلِّ هذه الظروف المُتغيّرة، لذلك أقول وبكل ود وصراحة للأسر الخليجية الحاكمة اليوم: يا سادة يا محترمين، تنظر لكم شعوبكم بكل احترامٍ وتقدير، لكن لا أحد يستطيع أن يضمن الاحتفاظ بهذا الحب والاحترام والتقدير في مثل هذه الظروف المُتغيرة، وتعاقُب الأجيال، فأجيال اليوم تختلف عن أجيال الأمس، الذين كنتم تتحكمون بكل صغيرة وكبيرة في حياتهم، حتى المعلومة التي من حق كل إنسان أن يحصل عليها، منعتموها عنهم، ناهيكم عن الاعتقالات التعسفية والانتهاكات التي كانت تحصل في ليلٍ دامس ونهارٍ ساطع، ولا أحد يستطيع أن يتكلّم، ولا أن يعرف، وإن عرف سكت من الرعب.
اليوم المشهد اختلف اختلافًا كُليًّا. كنتُ و لا زلتُ أتمنى أن تعي أُسرنا الحاكمة هذا التغير، وتتواكب معه بما يخدم مصلحة طرفي المعادلة، الأسر الحاكمة و الشعوب، التي أعطت هذه الأسر شرعيتها منذ عقودٍ طويلة. لذلك اليوم أصبح احترام حقوق الشعوب و الانتقال بها إلى مرحلةٍ تاريخيةٍ جديدة تتسم بالديمقراطية، والحرية، ودولة القانون، والمؤسسات، واحترام حق المواطنة، ومعالجة التركيبة السكانية المُخيفة، والتي تُهدّد استقرار المجتمعات الخليجية، أصبح اليوم ضرورةً تُحتّمها مُتطلبات المُستقبل، وحقوق الشعوب الخليجية، فمالذي يحدث اليوم في الخليج؟ هل هو محاولة تأخير التغيير أم هو انتقامٌ من شعوبٍ أصبح من حقّها أن تُدير شؤون نفسها؟
تويتر gulfdf@
* الأمين العام للمنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني
** ينشر بالتزامن مع موقع منتدى حوار الخليج
مُنذ هبوب رياح التغيير العربي، أو الربيع العربي، وكلُّ الشعوب العربية قاطبة تطلّعت لهذه الرياح كمنقذٍ لها ولكرامتها التي هُدرت على سفوح الاستبداد والفساد. ومن الإجحاف والمكابرة السياسية أن يقول أحدٌ بأنّ المجتمعات الخليجية مُحصنّة من هذه التغييرات التاريخية التي تهبُّ على المنطقة، وحصدتْ حتّى الساعة خمسة رؤساء عرب كانوا يحكمون بالحديد والنار، والسادس في طريقه للزوال و الاختفاء. أنا هنا لا أتكهن ولا (أضرب ودع) لكي أستشف المستقبل، لكن المؤشرات التي ألتقِطُها من هنا و هناك تُشير إلى أنّ التغيير قادمٌ لدول الخليج لا محالة، رغم كلِّ المُحاولات التي تجري هنا وهناك، لقمع وتأخير حركة التاريخ.
مثل ما يحصل في الكويت من محاولات للالتفات على الاستحقاقات الدستورية، أو في البحرين، التي تخوض الأسرة المالكة غمار معركةٍ غيرِ مضمونة النتائج، وأيضًا ما يحصل في سلطنة عُمان من اعتقالات، والمملكة العربية السعودية أيضًا، وقطر التي أيضًا نتمنى أن تُواكب مُستجدات العصر، وما يحصل في دولة الإمارات العربية المُتحدة، التي عُرفت أنّها من أهدأ دول الخليج سياسيًا و حراكًا اجتماعيًا، حيثُ تتداعى بها السياسات الأمنية بشكلٍ غير مسبوق، من خلال حملة اعتقالات تضرها أكثر مما تنفعها، وهذا واضحٌ من خلال ردود الفعل التي صاحبت حملة الاعتقالات الأخيرة، التي بيّنتْ حجم الخوف الهائل الذي يعتمر في عقلية المسؤولين من حراك بعض النشطاء المحسوبين على تيار الإخوان المسلمين، غير مُدركين بأنَّ هذه الاعتقالات تُقوّي ولا تُضعف، غير مُستفيدين من الحملات التي كانت تقوم بها السلطات المصرية على ذات التيار بمصر -والذي يحكم اليوم مصر- لا لأن لديه برنامج، وإنّما لتعاطف الشعب معه. نتيجةً لهذه السياسات الغبية التي اتبعها حسني مبارك، ها هو اليوم في السجن، وهم يحكمون.
ما يُهمّني في الحقيقة هو استقرار المُجتمعات الخليجية في ظلِّ هذه الظروف المُتغيّرة، لذلك أقول وبكل ود وصراحة للأسر الخليجية الحاكمة اليوم: يا سادة يا محترمين، تنظر لكم شعوبكم بكل احترامٍ وتقدير، لكن لا أحد يستطيع أن يضمن الاحتفاظ بهذا الحب والاحترام والتقدير في مثل هذه الظروف المُتغيرة، وتعاقُب الأجيال، فأجيال اليوم تختلف عن أجيال الأمس، الذين كنتم تتحكمون بكل صغيرة وكبيرة في حياتهم، حتى المعلومة التي من حق كل إنسان أن يحصل عليها، منعتموها عنهم، ناهيكم عن الاعتقالات التعسفية والانتهاكات التي كانت تحصل في ليلٍ دامس ونهارٍ ساطع، ولا أحد يستطيع أن يتكلّم، ولا أن يعرف، وإن عرف سكت من الرعب.
اليوم المشهد اختلف اختلافًا كُليًّا. كنتُ و لا زلتُ أتمنى أن تعي أُسرنا الحاكمة هذا التغير، وتتواكب معه بما يخدم مصلحة طرفي المعادلة، الأسر الحاكمة و الشعوب، التي أعطت هذه الأسر شرعيتها منذ عقودٍ طويلة. لذلك اليوم أصبح احترام حقوق الشعوب و الانتقال بها إلى مرحلةٍ تاريخيةٍ جديدة تتسم بالديمقراطية، والحرية، ودولة القانون، والمؤسسات، واحترام حق المواطنة، ومعالجة التركيبة السكانية المُخيفة، والتي تُهدّد استقرار المجتمعات الخليجية، أصبح اليوم ضرورةً تُحتّمها مُتطلبات المُستقبل، وحقوق الشعوب الخليجية، فمالذي يحدث اليوم في الخليج؟ هل هو محاولة تأخير التغيير أم هو انتقامٌ من شعوبٍ أصبح من حقّها أن تُدير شؤون نفسها؟
تويتر gulfdf@
* الأمين العام للمنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني
** ينشر بالتزامن مع موقع منتدى حوار الخليج
اقرأ أيضا
- 2024-11-13الشيخ علي الكربابادي : حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق
- 2024-11-12عباس المرشد : رواتب وعلاوات عائلة الحكم في البحرين هل تقود إلى حرب داخلية بين القصور
- 2024-11-05عباس المرشد : نهايات التطبيع في البحرين حصان العائلة الأعرج
- 2024-10-10علي صالح: رسالة إلى راشد بن عبد الله آل خليفة... وزير داخلية البحرين
- 2024-10-04بوكشمة: حتى أنت يا دويري!