أسئلة بسيوني.. أسئلة اليوم الأخير
2011-11-22 - 2:28 م
سيد بسيوني،
هذه جردة أسئلة، هي حصيلة الأشهر الأربعة التي شغلْتَنا فيها بك وشغلناك فيها بنا، هي أسئلة من وجه و إجابات من وجه آخر، وفي كلا الوجهين يمكنك أن ترى صورتك كما شكلناه في مرآتنا.
لاحظنا مؤخراً أن لجنتك تغير اسمها، من (اللجنة الملكية المستقلة لتقصي الحقائق) إلى (اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق) هل تعتقد أنه مجرد تغيير شكلي؟ ولماذا يأتي هذا التغيير في نهاية عمل اللجنة؟ ولِمَ لم تستمع لملحوظتنا حين قلنا لك منذ البداية، إن تسمية اللجنة بالملكية يتعارض مع استقلالها؟ قلنا لك يا بسيوني، لا تسرف في مدح الملك، كي لا تعرض نزاهة اللجنة للتشكيك، لكنك تماديت في المدح، قلت "أنا معجب جداً بصدق الملك" واعتبرت لجنته "درسا للدول العربية والإسلامية" وأعلنت رغبتك في أن تكون "عوناً للملك". لقد عملت طوال الأشهر الماضية باسم ملكي، والآن تريد أن تعلن نتائجك باسم وطني! هل هي التفاتة متأخرة، أم استدراك إعلامي متأخر؟
سيد بسيوني،
في مقابلتك مع جريدة المصري اليوم، قلت "ولكن فى المقابل أبدت البحرين شجاعة فى هذا الشأن، إذ طلب ملك البحرين من هيئة الأمم ألا تعين لجنة، على أن يتولى هو ذلك، واختارنى بموافقة الأمم المتحدة رئيساً لهذه اللجنة، واشترطت أن أعمل مستقلاً"
هل هي فعلا شجاعة، أن يعين ملك البحرين، شخصا لم يتوقف عن كيل المدوحات له قبل بدء عمل اللجنة، وزاد فيها بعد بدء العمل في اللجنة، بل وسيحتفل بك الملك الممدوح بعد انتهاء عمل اللجنة في قصره العامر، في الوقت الذي ستتولى قواته انتهاك الشعب المحتج عليك وعليه؟ هل هذه شجاعة؟ لماذا لا تقول الصراحة؟ لماذا لا تقول إن لجنتك هي حماية له من لجنة هيئة الأمم التي لا تكيل المدح لا قبل ولا أثناء ولا بعد؟ هل وجدت متهماً يختار قاضيه؟ وهل وجدت قاضياً يمتدح متهماً أو يبرر له انتهاكاته للعدالة؟ كيف تفسر هذا الاطمئنان الذي يصل إلى حد أن الملك يحتفل بتقريرك في قصره؟ ويوسع لك في مجلسه، ويضيق علينا في ساحات الحرية؟ هل كسر الملك عين الحقيقة فيك، فصرت تصغر كبائره، وتكبر صغائرنا؟
أين هي الشجاعة؟ وهناك خمس مخالفات قاتلة للجنتك، لم تلتزم فيها بمعايير مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وتشمل المخالفات: إنشاء اللجنة بإرادة منفردة دون مبدأ التشاور الوطني، الخلل في طريقة اختيار أعضاء اللجنة، تهميش دور المنظمات غير الحكومية الوطنية، الالتفاف على دور الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الدولية الأخرى، الخلل في الممارسة، والحرفية والحياد.
سيد بسيوني،
لقد قلت بعد أن زعمت أن جريدة الأيام فبركت مقابلتك الصحفية، أنك لن تدلي بأي تصريح إعلامي قبل أن تنهي مهمتك، لكنك تفاجئنا كل يوم بتصريح يدل أن سياستك الإعلامية ممنهجة، ممنهجة في مضمون ما تقوله، وممنهجة في اختيار التوقيت الذي تريد أن تقول فيه، وممنهجة في استبعاد ما لا تريد أن تقوله أو ما لا تريد أن تجعله تحت دائرة الضوء.
هل تستطيع أن تفسر لنا لماذا في منتصف أكتوبر أجريت لقاء مع جيروم ماكدونال في إذاعة Webz الأمريكية؟ وكيف سمحت لمهنيتك التي تفاخر بها أن تقرر في الدقيقة 16من الحوار أن "بعضهم (الأطباء) عمل بشكل نشط في الاستيلاء على المستشفي، وجعله معقلا للثورة الشيعية ولإقصاء السنة"؟ وكيف اختزلت في الدقيقة 18من الحوار مطالب المعارضة الوطنية في هذه الجملة التشنيعية الاتهامية "يتمنون أن يسيطروا من أجل إقامة جمهورية إسلامية متحالفة مع إيران"؟ هل كنت وأن تدلي بهذه التصريحات قبل إعلان نتائج التقرير، رجل سياسة ومصلحة منحاز أم رجل تحقيق وقانون؟ ألم تغضب هذه التصريحات غير المهنية بعض أعضاء لجنتك، فأنت توقعهم في حرج وكأن تصريحاتك تعبر عنهم جميعا.
وأنت تُخطِّئ منظمة أطباء بلا حدود وتتهمهم بالتعجل في الوقوف مع الأطباء، لماذا لم تتحدث في تصريحاتك التي تعرف تأثيرها في الرأي العالم عن عن قتل المتظاهرين وهم نيام في 17 فبراير وذهاب الأهالي للمستشفى لمعاينة قتلاهم وجرحاهم؟ كيف تجاهلت الرصاص الذي أصاب المواطنين مساء18 فبراير؟ لماذا لم تضع كل هذا القتل الذي وقع في سياق ما حدث في مستشفى السلمانية؟ لماذا لم تقل إن الناس هناك يبكون جرحاهم وقتالهم ويبحثون عن ملاذ آمن، وإنهم كانوا يرفعون شكواهم للعالم من هناك حيث دم أبنائهم؟ وأنت تدين الأطباء بتصريحاتك غير المهنية، لماذا لم تتحدث عن ضرب الدكتور صادق العكري فجر مجزرة 17 فبراير ومحاولة اغتصابه؟ لماذا لم تطرح سبب استبدال وزير الصحة فيصل الحمر؟ لماذا أدنت الأطباء بهواك، ولم تكشف أن وزير الصحة تمت إدانته من قبل منظمات طبية لمنعه علاج الجرحى ومنع خروج سيارات الإسعاف لمصابي وقتلى شهداء مجزرة 17 فبراير؟
سيد بسيوني،
لماذا تصريحاتك لا تغضب الحكومة؟ أو لماذا تشعرها دوما بالاطمئنان لدرجة أنها ستحتفل بطريقة ملكية بتقريرك؟ قلت في بيانك الأخير بعد أن اضطررت لتأجيل تقريرك لأسباب سياسية، أنك تنتظر ردود الوزارات والمسؤلين، كيف ذلك وأنت أعلنت في الإذاعة الأميركية نتائج غير رسمية للتقرير؟ بل ورسمت خطوطه العريضة؟ وجرّمت أنصع ملف يدين السلطة، وهو ملف الأطباء؟ ما الذي أبقيته للحقيقة يا سيد بسيوني؟ لا داعي لنلومك عن (علي الطويل) لكن نذكرك أنك حكمت بإعدامه، فهل شاهدت فيديو الدهس وتأكدت أن من كان في السيارة هو علي الطويل؟ هل تعتقد أن علي الطويل لم يتعرض للتعذيب وتنتزع منه الاعترافات؟ وهل شاهدت فيديو وصور البلطجية بأسلحتهم البيضاء مع رجال الأمن، وسألت من هؤلاء؟ هل شاهدت الأسلحة البيضاء وأنابيب الحديد والألمنيوم والأخشاب في يد البلطجية الملثمين أم لا؟هل شاهدت الفيديو الذي يظهر الطلبة خائفين ومُحاصرين والبلطجية يلاحقونهم أم لا؟ لماذا تنظر بعين ترى بعض الأخطاء التي يقال إن بعض المتظاهرين ارتكبها وتقول إنها أفعال المتظاهرين؟
سيد بسيوني،
هل يعقل أن يهدم أكثر من 30 مسجدا ورأس النظام نائم، لا يعلم ولا يتحرك؟ هل يعقل أن يعذب آلاف المواطنين في السجون والشوارع والبيوت ونقاط التفتيش، ولا يعلم عن ذلك لا الملك ولا رئيس الوزراء ولا ولي العهد ولا الوزراء ولا المشير الخائب؟ هل هؤلاء يديرون دولة ممنهجة أم يديرون حارة منلفتة اليد؟ ألا يعرف الملك وهؤلاء المسؤولون فظائع التخوين ومحاكمات تلفزيون وإذاعة البحرين، وازدراء المواطنين طوال الأشهر الماضية؟ هل يعقل أنك أيضا يا سيد بسيوني، وأنت تلقي تصريحاتك الإعلامية وتتحسس تأثير الإعلام، لم تسأل عما يفعله تلفزيون البحرين أو بعبارة أوضح تلفزيون سياسة منهج حكومة البحرين؟ ليس هناك أدل على منهج الحكومة من سياسة تلفزيونها وإعلامها، فلماذا لم تأت على ذكر تلفزيونها وإعلامها؟ وبصراحة، هل كان الملك ورئيس الوزراء وولي العهد والوزراء في إجازة طوال فترة سريان قانون السلامة الوطنية؟
سيد بسيوني،
هل يوجد رجل قانون وفقيه كما يقال يُصنّف قضاة اللجنة العاملين معه مذهبياً، ويقول إن بدرية العوضي سُنيّة، وماهنوش ارسنجاني شيعية؟ هل تصنيفك لقضاة اللجنة مذهبياً هو الذي جعلك تتبنى الراوية الرسمية، لتقول في تصريحاتك الصحفية أن الصراع هو سني شيعي؟ هل يليق بك أن تختزل تجربة هذا الشعب في هذا الصراع، بدل أن تدين السلطة التي سعت بكل قوتها لاستخدامه، كي تبرئ نفسها من دم هذا الشعب؟ لقد كنت بشكل ممنهج في تصريحاتك الإعلامية تثبت فرضية السلطة في تفسير ما وقع في البحرين،هذا ما فعلته في مقابلتك مع إذاعة Webz الأمريكية، وهذا ما انتهجته في مقابلتك في نوفمبر مع جريدة المصري اليوم
سيد بسيوني،
لا داعي لنقول لك إنك أخللت بوعدك ومهنيتك للمرة العاشرة، حين صرحت عن عمل لجنتك في نوفمبر لجريدة المصري اليوم، قلت "فى البداية كانت المطالب تدور فى إطار إصلاح النظام وتصاعدت إلى المطالبة بإسقاط النظام، ما يعنى انتهاء الملكية، والبديل فى هذه الحالة قيام جمهورية إسلامية، وهذا ما أخاف السُنْة. جزء كبير من الشيعة هناك مرجعيتهم فى إيران وجزء آخر فى العراق، مما يعنى أن الطابع الطائفى كان واضحاً فيما جرى فى البحرين"
هل وجدت في خطاب أحد من رموز المعارضة مصطلح(جمهوية إسلامية)؟ هل تريد بهذا الاستنتاج أن تمضي مع جهاز الدولة الإعلامي في تشويه مطالبها؟ أم أنك ملتزم في التحقيق في جرائم هذا الجهاز في تشويه خطاب المعارضة والتعريض بانتماءاتها المذهبية؟ هل تريد أن توازن بين الضحايا وجلاديهم، باختراع سياقي تبريري يحيل على الطوائف والانتماءات المذهبية؟ أليس الأجدر البحث عن أسباب تتعلق بصراع المصالح وقوى النفوذ وطبيعة الحكم وتركيبته؟ كيف نبرر لك استخدامك الحجج المذهبية بدل استخدام الحجج السياسية في الصراع؟ كيف نبرر لك تبنيك لحجج السلطة في اعتبار الصراع طائفيا وليس سياسيا؟ هل من الإنصاف والعدل أن تخفف الجرائم التي ارتكبتها السلطة، بالتذرع بأسباب اختلقتها السلطة نفسها؟
سيد بسيوني،
السؤال هو الصيغة التي يستشكل بها الإنسان على الأشياء، ولن تكون سيرتك في البحرين غير صيغة من صيغ الاستشكال الملتبس، سيراك الآخرون عبر أسئلتنا، وسيتوقفون عندها ليضعوك في الإطار الأشكل بك.