حليمة الصباغ: كلّ جريمتي هي "كيس" وقلوب غارقة في لُجّة الوشاية الطائفية، وأنا الآن أقوى
2013-09-30 - 9:20 م
مرآة البحرين (خاص): خرجت حليمة الصباغ من المعتقل في 25 سبتمبر 2013. فنيّة الأسنان التي اتهمتها السلطات بـ"تهريب أدوية" لعلاج المتظاهرين. أمضت في السجن سنةً كاملة، وتحرّرت أخيرًا. تسميتها "تهمة" كلام عبيط، إنها جائزة، هذا شكل من "التهريب" يمكن مدحه!
في الصور التي نُشرت وهلة إخلاء سبيلها، كانت رافعة الرأس، تبتسم حليمة، معها طفلها ياسر ذو الخمسة أعوام، كان يلوّح بيديه ويرسم شارة النصر. قوة الأمل تشعّ من ظلال هذه الشارة.
اقتادتها قوّة أمنية من مكان عملها، في يناير 2012. جريمة حليمة "كيس"، نعم لا تتعجبوا، كيسٌ وقلوب غارقة في لُجّة الوشاية الطائفية، إنه المرض الذي لا "كيس أدوية" يمكن أن يعالجه. فما حكاية هذا الكيس الجريمة؟
تقول حليمة لمرآة البحرين: "نعم، لقد كان كيس أدوية بالفعل، لكنه كان يحتوي على أدوية خاصة بأمراض النساء، وبوصفة طبية مسجلة بالكمبيوتر، إضافة إلى وصفة خاصة بزميلتي، ومع ذلك اعتُقلت أنا وزميلتي عقيلة، وحُقق معنا بتهمة الاستيلاء على أدوية خاصة بالجراحة والحروق، لمعالجة الجرحى والمصابين في الاحتجاجات اليومية في الميادين، وألحوا علينا بالاعتراف بذلك، كما طلبوا منا تحديد الأماكن الميدانية التي يعالج فيها المحتجين، وإذا كان هناك أشخاص آخرون يتعاونون معها، وقد نفينا كل التهم الموجهة لنا نفيا قاطعًا".
تكمل حليمة: "غاب عن ذهن من فبرك وكذب، أن هذا النوع من الأدوية لا يُسمح بوجوده في عيادة الأسنان، طبقًا للبروتكول الخاص بالأدوية في وزارة الصحة، لذلك تم تحويل التهمة إلى الاستيلاء على المال العام، وتحقّقت البراءة لعقيلة، أما أنا فقد ثُبّتت علي التهمة".
انتقلت جريمة "كيس حليمة" من مسمّى تهريب أدوية للمحتجين، إلى الاستيلاء على المال العام!! المال العام الذي استولى عليه "كيس حليمة" لم يتم التعامل معه إداريًا، كما يجري التعامل مع الفضائح المشهورة، التي استولى فيها "موظفون كبار" على "خزائن كبيرة" لشركات "كبيرة" في البلد دون أن نسمع عنها/عنهم شيئًا، ولم يتم معاقبة حليمة إداريًا (في حال ثبوت المخالفة)، بل محاكمتها قضائيًا. ما أخطر كيسك يا حليمة! وما أهون خزائن الدولة المستولى عليها!
الوشاية ضد طائفة معينة، والتي صارت نهجًا محمودًا من قبل النظام، وسعيًا مشكورًا إليها، هي من جعلت من "كيس حليمة" كيس "جريمة" تستحق بسببه التشهير والمحاكمة والسجن لمدة عام كامل. زميلاتها في العمل اللاتي كنَّ يتحيّن الفرصة لها ولغيرها من طائفة معينة، وجدن في هذا الكيس بغيتهن، سرعان ما وصل إلى الجهات، التي فتحت خطوطها الساخنة لاستقبال الوشايات والفبركات، أن كيس حليمة "المهرّب" يحمل أدوية لعلاج حروق المصابين المحتجين، ولا أحد يريد أن يسمع أو يصدّق غير هذا، بما فيهم القاضي، فالتهم الموشى بها، بعد 16 مارس 2011، ما هي إلا حجج. تقول حليمة: "من خلال الجلسات الكثيرة التي شهدتها، تيقنت من أن القاضي كان لديه حكم جاهز، لم يعر أي اهتمام للأدلة التي تثبت براءتي؛ ومنها سجل الكمبيوتر الخاص بالمستشفى، والذي يثبت أن الأدوية التي كانت بحوزتي مسجلة وبوصفة طبية"، كان الحكم قد سبق العدل.
موظف الأمن، الذي يقف بالبوابة الرئيسية للمستشفى، شهد ضدّ "كيس حليمة"، كذلك الضابط المسؤول عنها. وفي السجن عوملت كمتهمة سياسية، فكانت ترى بقية السجينات الجنائيات من أجانب وبحرينيات يعاملن بأفضل منها ويصرح، لهن بما لا يصرح لها، حتى في أبسط الحقوق، مثل امتلاك صورة طفلها، أو حضور عزاء عمتها، حتى العلاج منعت منه، أما الإجازات فلم تحتسب لها، أسوة ببقية السجينات الجنائيات، لذا قضت عامًا كاملاً بالسجن.
عام كامل، منذ 25 سبتمبر 2012، عاشته حليمة بعيدة عن طفلها ياسر، ذي الخمسة أعوام، مرت خلالها بأوقات عصيبة ومريرة، ذاقت فيها ألم الفراق عن طفلها الوحيد، وعاش طفلها وجلًا خائفًا طوال هذه الأشهر. صعبة هي المواقف التي مرت بها طوال فترة سجنها، لكن أصعبها عندما احتاج طفلها لإجراء عملية جراحية عاجلة، حينها منعت من مرافقته، وحرمت من معانقته وتقبيله مثل أي أم. توسّلت لإدارة السجن أن يسمحوا لها برؤية ابنها، لم ينفع، تذرعوا لها بكونها موظفة بالمستشفى، ولا يريدون لها التعرض للإحراج عندما تدخل بمرافقة الشرطة، أما ردها فكان: "أنا واثقة من نفسي ومن براءتي، وطفلي يعلم ذلك لذا، لن أخشى شيئًا، ولن يعيبني السجن". لم تكن تلك أيضًا أكثر من حجة للمنع لا أكثر.
عام كامل لم ترَ فيه حليمة والدتها، كان من الصعب على الوالدة المريضة زيارة ابنتها، فهي لا تقوى على رؤيتها بالسجن، لذا عاشت الاثنتان (حليمة ووالدتها) عامًا مريرًا تتوق فيه لحضن أمها الدافئ وعينيها المملوئتين عطفًا وحنانًا. أما الأم، فقد زادها حبس حليمة همًّا وضعفًا، ولا زالت تبكي حال ابنتها حتى بعد إطلاق سراحها.
"لا أستحق هذا"، هذا ما تقوله حليمة تعليقًا على كل ما تعرضت له من وشاية ومحاكمة وحبس عام كامل ومعاملة داخل السجن، "لم أرتكب جرمًا أستحق العقاب عليه، لكنني حتمًا الآن أقوى من أي وقت مضى، فما لا يزيد فينا لن ينقص".
- 2024-11-13صلاة الجمعة.. لا بيع أو شراء في الشعيرة المقدّسة
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟
- 2024-11-05الجولة الخائبة
- 2024-11-03هكذا نفخت السلطة في نار "الحرب" على غزة كتاب أمريكي جديد يكشف دور زعماء 5 دول عربية منها البحرين في تأييد عمليات الإبادة
- 2024-10-29هذه النماذج التي صدّرتها عائلة آل خليفة للعالم العربي